تُعدُّ العوامل الكيميائية أحد أهم المحركات التي تؤثر بشكل مباشر وعميق في حالة وصحة النظام البيئي العالمي. هذه الظاهرة المعقدة تشمل مجموعة واسعة من المواد والمواد الضارة التي تُطلق عمداً أو غير متعمدة إلى الغلاف الجوي للأرض، المياه، والأراضي. تتراوح هذه العناصر بين المنتجات الصناعية والنفايات المنزلية والمبيدات الحشرية ومخلفات المصانع الثقيلة.
أحد أكثر جوانب الأزمة بيئية خطورة هو تسرب المواد الكيميائية الخطيرة مثل الرصاص والكادميوم الزئبق. يمكن لهذه المركبات أن تصبح جزءاً دائماً من سلسلة الغذاء بعد ارتباطها بالنظم البيولوجية المختلفة. قد يؤدي استهلاك البشر لهذه الأنواع من الطعام المُلوث إلى أمراض مزمنة وتدهور الصحة العامة. بالإضافة إلى ذلك، فإن بعض العمليات الإنتاجية الصناعية تنبعث منها غازات دفيئة تلعب دوراً رئيسياً في ظاهرة الاحتباس الحراري والتغير المناخي.
كما يُحدث إطلاق المواد الكيميائية تأثير سلبي كبير على النظم البيئية البحرية. على سبيل المثال، الأمواج النفطية الناجمة عن حوادث التسرب البحري لها آثار طويلة المدى على الحياة البرمائية والحياة النباتية تحت الماء. هذا التأثير ليس فقط يهدد التنوّع الحيوي ولكن أيضاً يعوق نمو الثروة السمكية ويضر بصناعة الصيد العالمية.
وفي المجال العام للنظم الأرضية، هناك تأثيرات كارثية بسبب رش المبيدات الحشرية واستخدام الأسمدة الكيماوية بكثافة. هذه المنتجات ليست ضارة للمحاصيل فحسب بل أيضا للتربة نفسها وللحيوانات الصغيرة وغيرها من أشكال الحياة الدقيقة الموجودة فيها. وقد أدى الاستخدام المكثف للعوامل الكيميائية خلال العقود الأخيرة إلى مشاكل صحية متزايدة لدى الإنسان نتيجة للتسمم بالمبيدات والقضاء التدريجي على الكثير من أنواع الحشرات المفيدة التي كانت تقوم بدور مهم في تنظيم دورة حياة النبات الطبيعية وبالتالي مساعدة زراعته الصحية بدون الاعتماد الكبير على تلك المواد الكيميائية القاسية.
وعلى الرغم من وجود قوانين دولية وأنظمة مراقبة محلية لتنظيم استخدام العوامل الكيميائية ومعالجتها بطرق آمنة، إلا أنه ما زالت هنالك تحديات كبيرة تواجه العالم كله لمواجهة انتشار وحجم المشكلة التي خلقتها هذه الفئة الخاصة من تلوث البيئة. إن اتخاذ إجراءات فعالة وعاجلة أمر بالغ الأهمية للحفاظ على نظامنا الإيكولوجي المتوازن ودعم فرص مستقبل مستدام لنا جميعا ولأجيال قادمة أيضًا.