الهيدروجين، المعروف برمز H وعدد ذري 1، يحمل لقب "الأول" ضمن عائلة العناصر لما له من مكانة خاصة في علم الكيمياء. فهو ليس فقط أبسط العنصر من حيث التركيب بل إنه أيضًا الأكثر انتشارًا في الكون رغم توافره بنسب ضئيلة داخل قشرة الأرض (حوالي 0.14 بالمئة). هذا الغاز الشفاف عديم الرائحة واللون يشغل مركزًا مميزًا في العديد من العمليات والصناعات.
يمثل الهيدروجين ثلثي كتلة الشمس وهو كذلك أحد أهم مكونات المياه - تلك الثروة الطبيعية الهامة للحياة. بالإضافة إلى وجوده بكثافة عالية في مياه البحار والأنهار والجداول وكذلك السطح الجليدي للأرض، يمكن تتبع آثار الهيدروجين حتى داخل أجسام الحيوانات والنباتات وبداخل مكامن النفط. هذه الخاصية الواسعة الانتشار جعلته مصدر اهتمام كبير لدى الباحثين الذين رأوا فيه وعدًا بتطوير بدائل طاقة جديدة ومتجددة وغير ملوثة بيئياً.
إن نقطة انصهار وغليان الهيدروجين المنخفضتين للغاية تشيران إلى ضعف روابط جزيئيه، مما يعطي سلوكيات فريدة مثل سهولة تحوله من الحالة الغازية للسائلة ثم التجمد مباشرة بدون مرحلة وسطى كالبلورة. هذه الظاهرة لها تطبيقات واسعة المدى مثل استخدامه كمادة مانعة للتآكل وحماية الطبقات الزجاجية خلال عمليات التصنيع.
وفي حديثنا حول استخدامات هذا العنصر المهم، فقد وجدت تطبيقات متنوعة له تنوع القطاعات نفسها. فالسيارات الحديثة تعتمد بشدة على خلية الوقود التي يستخدم فيها الهيدروجين كوقود مستدام وصديق للبيئة تمامًا. أيضا، يلعب دور حيوي في إنتاج المواد الكيميائية الأساسية بما فيها الأسمدة والمواد البلاستيكية والأدوية عبر مشاركة فعالة في عمليات التحويلات الكيميائية المختلفة. علاوة على ذلك، يشهد عالم إعادة التدوير لاستخراج الوقود زيادة اعتماديه على تقنية تسمى 'تجريد الكبريت' والتي يتم فيها استخدام غلايات هيدروجينية لإعادة تنظيف المنتجات النهائية قبل طرحها بالسوق مجددًا.
ومن زاوية أخرى، يُعتبر الهيدروجين أساس لصناعة الرقائق الإلكترونية حيث يدخل كنقطة Departure أساسية في تطوير أشباه الموصلات والمعالج الدقيق المستخدم بمختلف التقنيات الإلكترونية اليومية. بذلك، يبدو جليا تأثير الهيدروجين الواسع مدى تأثيراته سواء كانت مادية أو تكنولوجية أو حتى بيئية وذلك بسبب موقعه الفريد كأول عضو بجداول عناصر العالم المعروفة.