رحلة السلطنة التركية إلى العالمية: تاريخ تأسيس الدولة العثمانية

التعليقات · 0 مشاهدات

تُعتبر الدولة العثمانية واحدةً من أقوى الإمبراطوريات التاريخية التي تركت بصمتها الواضحة على الشرق الأوسط وأوروبا خلال القرون الوسطى وعصر النهضة الأورو

تُعتبر الدولة العثمانية واحدةً من أقوى الإمبراطوريات التاريخية التي تركت بصمتها الواضحة على الشرق الأوسط وأوروبا خلال القرون الوسطى وعصر النهضة الأوروبي. بدأت هذه القوة السياسية والدينية المتنامية كدولة صغيرة ولكنها طموحة في منطقة الأناضول الغربية، والتي كانت تُعرف آنذاك باسم الروملي، عام 1299 ميلادي تحت قيادة عثمان الأول بن أرطغرل.

كان مؤسس الدولة العثمانية هو عثمان غازي، الذي ولد حوالي العام 1258 م لوالدين ترقى نسبهما إلى قبيلة الغزاي التركمانية. نشأ عثمان في بيئة حرب المستمر ضد المغول المسيطرين وقتئذٍ على المنطقة. استغل الفرص المتاحة له بعد وفاة أبيه أرطغرل سنة 1284 وتوسع أراضيه واحداً تلو آخر حتى أصبح قائدا مؤثرا بين القبائل المحلية.

في نهاية القرن الثالث عشر الميلادي وبداية الرابع عشر، بدأ عثمان غازي حملاته الناجحة للاستقلال الذاتي والتمدد نحو المناطق المحيطة. كان لهذه الحملات تأثير كبير فيما يتعلق بتشكيل الهوية الوطنية للدولة الجديدة والحفاظ عليها وسط اضطرابات تلك الفترة المضطربة. ففي عام ١٣٠٠م حقق أول انتصار ميداني مهم له أمام البيزنطيين بالقرب من مدينة سروج التركية الحالية مما عزز مكانته ونفوذه السياسي والعسكري بشكل ملحوظ داخل مجتمعه المحلي وخارجه أيضًا.

انتقل مركز الجذب الرئيسي للإمبراطورية لاحقاً باتجاه بحر إيجة ومياه البحر الأسود الشرقيّة، وهو الأمر الذي شكل نواة توسعات مستقبلية واسعة النطاق امتدت لتصل شرقا وجنوبا وشمالا عبر العصور التالية. ومع مرور الوقت وتمتين نفوذ الحكم المركزي بالإمبراطورية، بزغ دور نظام "الإقطاع"، والذي يشكل أساس التقسيم الإداري الداخلي في معظم فترات وجود الدولة العثمانية، بالإضافة لدور الدين الإسلامي كمؤثر اجتماعي واقتصادي رئيسي فضلاً عن دوره الديني والثقافي الراسخ والمتميز لدى سكان الإمبراطورية المختلفة الأعراق والأديان والمعتقدات الدينية.

إن فهم رحلة الدولة العثمانية منذ بدايتها يقدم لنا صورة واضحة حول سر نجاحاتها واستمراريتها لعشرات العقود؛ فالاندماج الفريد بين السياسة والاستراتيجيات الحربية والإدارة القانونية والتسامح الاجتماعي كان أحد أهم عوامل نهوضها وسيرورة تقدمها السياسِي والجيشِي والعلمي والفلسفي والفني أيضاَ. لقد مثلت إرث هذا النظام العالمي متعدّدة الثقافات عمقا وحضورًا بارزين ضمن المشهد الدولي لفترة طويلة جدا، ولم تختف آثار تجاربها إلا مع حلول نهايتها رسمياً بانهيار سلطتها المركزية عقب الحرب العالمية الأولى مباشرةً.

التعليقات