تعود جذور الشعرية العربية القديمة إلى العصور الأولى للإسلام، حين كانت تُستخدم النصوص الشعرية للتعبير عن الانتماء الثقافي والاجتماعي للشعراء والقبائل العربية. اعتمد النقد العربي التقليدي على تسجيل وتدوين هذه الأعمال الأدبية وفقًا لمبادئ زمنية وبُنية حياتية بدوية محددة، مما أكسب اللغة العربية مكانتها العالمية باعتبارها "لغة القرآن". وقد عمل علماء النقد مثل الأصمعي وابن معتز والجاحظ والمرزوقي وغيرهم بنشر أسس هذا الفن الغني عبر كتاباتهم العديدة حول مختلف جوانب الشعر من وزن وقافية واستخدام المجاز وأثر التصوف والأخبار العلمانية فيه.
وفي القرن الخامس الهجري وبداية عصر النهضة الإسلامية، شهدت نظرية الشعر تطورات كبيرة حيث ظهرت مفاهيم نقدية جديدة مستندة إلى تقسيم شعر العمود ضمن ست أغراض رئيسة تشمل المدح والفخر والرثاء والغزل والهجاء والوصف. كما اهتم علماء البلاغة بتحليل عناصر جماليات اللغة مثل الموسيقى والكناية والاستعارة والتورية والبلاغة الأخرى. وفي فترة لاحقة خلال العهد العثماني، بدأ ظهور منهجية أكثر تنظيماً للنقد الأدبي تحت تأثير الأفكار الأوروبية المتعلقة بالنظام العام للأعمال الأدبية.
ومع تقدم الزمن واتساع نطاق التأثيرات الدولية داخل العالم الإسلامي، تطورت مجالات دراسة القصيدة بما فيها الشعرية الانشائية والدراسات التاريخية للأدب وعلم الدلالة بالإضافة لعلم النفس الاجتماعي المرتبط بالقضايا الأخلاقية والإنسانية العامة. أما اليوم، فقد أصبح لدينا العديد من الفرق البحثية المهتمة بشؤون اختياراتنا للقراءة والتي تستكشف خصوصيات كل مدرسة أدبية بغرض فهم طبيعة العمل الكتابي نفسه وكذلك السياقات الاجتماعية المؤثرة عليه.
وتكتسب الشعرية أهميتها كونها تمثل ذروة إنجازات البشر المعرفية الفردية وجماعات اجتماعية متعددة، فهي وسيلة لفهم الذات ولدراسة الآخر سواء كان حيًا أم ميتًا. إنها أيضًا مجالا غنيّا للتأمل الذاتي وغاية جمالية سامية تجمع بين الخطابة الرنانة والمعرفة الإنسانية الخالصة. إن فهم العمليات الكامنة خلف إنتاج النصوص الأدبية يعد جزءًا مهمًا للحفاظ على تراث ثقافتنا وحواراتها المستمرة عبر القرون المختلفة.