يُعدّ علم فقه اللغة وعلوم اللغة فرعين مترابطين يستكشفان جوانب مختلفة من التواصل الإنساني باستخدام اللسان. يشير مصطلح "فقه اللغة" إلى الدراسة المنظمة لقواعد وتراكيب وحركات لسان معينة، بينما يركز "علم اللغة" بشكل أوسع على كيفية استخدام البشر للغات وكيف تتطور هذه الأنظمة اللغوية عبر الزمن والمواقع الجغرافية المختلفة.
في الفقه اللغوي، يتم التركيز عادةً على القواعد النحوية والصرفية والقواعد السياقية التي تحكم تركيب الجمل ووظيفة الكلمات داخل تلك الجمل. فهو يهتم بفهم القوانين الداخلية للألفاظ والمعاني المرتبطة بها، والتي تساهم في تشكيل بنية النصوص المكتوبة والنطق الشفهي لدى المتحدثين الناطقين باللغة المعنية. يمكن اعتبار هذا الجانب كالعمود الفقري للنظام اللغوي، حيث يوفر إطاراً أساسياً لفهم العلاقات بين الجمل والفروق الدقيقة في الاستخدام اليومي للمفردات.
ومن ناحية أخرى، فإن مجال علوم اللغة أكثر شمولاً واستقصائيًا. فهو ليس فقط ينظر إلى خصائص اللغة نفسها ولكن أيضًا كيف تؤثر العوامل الاجتماعية والثقافية والتاريخية على ظهور الحوار اللغوي واستخدامه وانتشاره. وهذا يعني أنه عند التحليل العلمي للغويات، قد ننظر إلى عوامل مثل الاختلاف الإقليمي والديموغرافيا العمرية والعلاقات الطبقية والسياقات الثقافية وغيرها الكثير؛ لأن كل واحد منها يمكن أن يؤثر بشكل كبير في شكل ولون وحجم كل نظام لغوي فردي.
إن مفهوميهما -فقه اللغة وعلوم اللغة- مرتبطان ارتباطًا وثيقًا، إذ تعمل الأولى كنظام أساسي يساعد الثانية على فهم العمليات الأكثر تعقيداً فيما يتعلق بالتفاعل الاجتماعي واللغوي. وبالتالي، يعد كلا المجالين جانبًا حاسمًا لدراسة التواصل البشري وفهم تنوع وديناميكية اللغات حول العالم.