مملكة تدمر: ازدهار وثقافة ودين متنوع

التعليقات · 0 مشاهدات

تعد مملكة تدمر من أبرز الدول التي تزدهرت على أرض الشام القديمة، مستمدة اسمها من موقعها الاستراتيجي بين الصحراء والساحل. بنيت هذه المدينة التاريخية وتح

تعد مملكة تدمر من أبرز الدول التي تزدهرت على أرض الشام القديمة، مستمدة اسمها من موقعها الاستراتيجي بين الصحراء والساحل. بنيت هذه المدينة التاريخية وتحولتْ إلى مركز حضاري مزدهر يجذب التجارة والثقافة من مختلف نواحي العالم القديم. تُوِّجت فترة حكم المرأة بتدمير تحت يد بطلة مهيبة هي الملكة زنوبيا، التي غيرت خارطة المنطقة السياسية والعسكرية. سنستعرض هنا تفاصيل حياة هذا المجتمع الفريد وتاريخ مجدّه الهادر ذائع الصيت.

السكان والتراتبية الاجتماعية

يمكن تقسيم سكان مملكة تدمر إلى عدة طبقات اجتماعية واضحة. كانت الطبقة الأولى تضم نخبة النبلاء وكهنة الدولة المؤثرين. يلي ذلك مواطنوه الحقيقيون الذين ينتمون لعوائل عشائر محلية وجذورها راسخة هنا وهناك. ثم تأتي طبقة الأحرار التي ضمت أفراد لم يستوفوا شروط الانتماء لنسبٍ نبيلة لكنهم يتمتعون بحرية حركة واسعة ومساحة فعل ذات تأثير ملحوظ. وفي الجهة الأخرى هناك عبيد خدموا طبقات أعلى طبقياً، إضافة لأجنبيين جاءوا بحثاً عن فرص عمل واستقرار اقتصادي داخل الحدود التدمرية الواسعة.

الاقتصاد المتحضر: زراعة وتجارة وحياة دينية غنية ومتنوعة

تركز الحياة اليومية لسكان تدمر حول نشاط الزراعة بكفاءة عالية وبراعة فريدة جعلتها خيار العديد ممن يرغبون بدخول عالم ريفي هاديء مليء بالموارد الطبيعية الوفير. شهد قطاع الري تطوراً ملحوظاً منذ القدم؛ حيث ابتكر المهندسون المحترفون حلول مبتكرة لحصاد مياه الأمطار وإنشاء شبكات صرف موزعة بجدارة بين حقولهم الخصبة الواسعة المطلة عليها جنبات مدينتهم الجميلة. بالإضافة لذلك لعب الجانبان التجاري والديني دوراً رئيسياً أيضاً في تعزيز نهضة البلاد.

كانت تدمر بوابة حيوية تربط طرق القوافل الرئيسية بين الشرق والغرب، ما منحها مكانة اقتصاdiae مميزة حالت دون توقُّفِ سيررك العربان طوال النهار والليل! وكانت اللغة العربية إحدى الوسائط الرائجة للتواصل أثناء إجراء عمليات البيع والشراء داخل السوق الداخلي وكذلك خارجيًا نحو دول أخرى تشاطر ذات الثقافات والقيم المشتركة كتلك الموجودة بمحيط البحر الأدرياتيكي مثلاً والذي كان أحد أهداف رحلات البر والبحر بالنسبة لرجال الأعمال الناشطين حين ذاك. وعلى الرغم من كون الدين عاملًا أساسياً مؤثرًا على سلوكيات الأفراد وعلاقاتهم فيما بين بعضهما البعض إلا أنه لم يشكل عقبة أمام تسامح الديانة تجاه ديانات أخرى مثل المسيحية والإسلام والمسيحية اليهودية وغيرها الكثير كنارا وثنيَّة وخمرة إلخ.. وهذا الأمر انعكس بشكل واضح بعد اكتشاف أدلة أثريّة تؤكد وجود دور عبادة متعددة داخل سور البلدة القديمة للدولة تلك رغم اختلاف توجهات مرابعاتها العقائدية المختلفة جذرياً عن الأخرى تمام الاختلاف!. ومن بين المباني الشهيرة جدًا تميز معبد "بل" الكبير بشهرة كبيرة نظرًا لمساحاته الضخمة وحجمه العملاق مقارنة بأقرانه الآخرين إذ يصل طول عرض جدرانه للقرابة ٢٢٠ متر وعرض قدره ١٨٥متر فضلا عن عرضه لمجموعة مذهلة من الأعمدة المصطفة بصف واحد تصل لطول ١٧مترا لكل قطعة منهم !! وما زالت آثار هذا الهيكل العظيم شاهدة حتى اللحظة الحالية رغم مرور قرون طويلة عليه! كذلك فإن فن المقابر التقليدية المبتكرة بالإمكان رؤية نموذجه المثالي وسط مناطق المقبرة الجديدةasset/images/articleimages/tddmrruins4479x4479jpg(https://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/thumb/c/c2/Tddmrruins%2C%2Bpalmyra%284479x4479px%29.jpg). وتمثل أعمال الترصيع الزجاجي والنحت المنحوت بالحجر لوحات رائعة توضح مدى فاعلية حرفيي القطع الأثرية داخل مجتمع قديم نابض بالحياة وينعم بالقوة والمعرفة والفلسفة العميقة أيضًا .

وفي مرحلتها الأخيرة عاشت مملكة تدمر عصر ازهرها تحت سلطانة امرأة عظيمة القدر والمجد : 'زنوبيا' ،حيث توسعت رقعة ممتلكاتها الإقليمية لتضم عددا هائلا من المدن والجبال المحيطة بها ؛ بداية من المناطق الشمالية البعيدة وآسيا الصغرى وانتهاء بسواحل مصر الجنوبانية وغابات اليونان وصولًا لجزر ليبيا الصغيرة وغيرها كثير مما جعلهم يقارعون جيوش الامبراطورية الرومانية بلا هوادة ويتحدى أسطورة أعلى جبروت بالساحل الأوروبي نفسه وقتها ! إنها ليست مجرد حقيقة ثابتة ولكن أيضا رمز لقوة الشخصية الأنثوية عند الشعب العربي القديم الذي أحترم النساء وطالب لهن باستحقاق حقوقهن كامله وليس فقط كمصدر للإنجاب وشريك للحياة المنزلية ..إنما كمان قائدة تحارب دفاعآعن الوطن ضد المعتدين الخارجيين بقوة الحديد والنار إذا دعت الحاجة بذلك ! هكذا ارتقت أميرة فارس وقدوتها البطوليّة لما فوق مراتب الثورتَيْن الأخيرتين المستقلتين لكامل قبائل الجزيرة العربية.(عام ٣٢٤ ميلادية)

التعليقات