في رحلة وجود الإنسان على الأرض، يعتبر الزمن أكثر ثرواتِه ثميناً، إذ يشكل لبنة أساسية لحياة كل فرد. يتجدد اللحظة تلو الأخرى، مما يؤكد أنه سلعة نادرة لا يمكن تخزينها أو إعادة إنتاجها، بل يجب استخدامها بحكمة وإدارة ذكية لتحقيق الاستفادة القصوى منها. وفي سياق الارتقاء بالقيم الأخلاقية والإرشادات الدينية، يحمل الزمن بين جنباته الدينامية الروحية للإنسان المسلم. فالعبادات والأعمال الخيرية ترتبط بشكل مباشر بكل جزء زمني محدد، مما يؤكد أهميته القصوى في حياة المؤمن.
وتتجسد هذه القيمة بوضوح حين ننظر إلى البيئة الإسلامية التي تحدد توقيت أداء الشعائر الدينية المختلفة مثل الصلاة الخمس اليومية وصيام شهر رمضان وحج البيت الحرام في مواسمها الخاصة. فهذه التفاصيل الدقيقة توضح مدى اهتمام الشريعة الإسلامية بتخطيط الوقت وفعالية استخدامه. ويعكس ذلك أيضا المسؤولية الشخصية تجاه الساعات والدقائق والثواني المتاحة خلال العمر البشري، وهي مدة مؤقتة وغاية في محدوديتها.
وبالنظر إلى فن إدارة الوقت الناجحة، فإن الخطوات العملية تبدأ بالتخطيط المدروس والواعي، مع تجنب الهدر الضار الذي ينتقص من روحانيته وفائدته. ومن مظاهر سوء الإدارة النوم غير المنتظم والمماطلة وسوء تقدير لأولويات العمل وكبح الجرأة في الاعتذار عن الإنقطاع غير الضروري. ومن منظور شامل، فإن لهذه التصرفات تأثير مجتمعي واسع عندما يصبح المجتمع مهتما فقط بما يخدم المصالح الذاتية قصيرة النظر بدلاً من تحقيق المنفعة العامة المشتركة للساعة البشرية الثمينة.
ولتنظيم الوقت آثار صحية ونفسية اجتماعية إيجابية ملحوظة. فقد يساعد التحكم المستدام لتوقيت العمليات اليومية على التعامل بكفاءة أعلى مع المواقف طارئة محتملة وتغيير مسار الظروف المحيطة حسب طلبات الحدث الحالي. وثانياً، يساهم تنظيم الوقت أيضاً في زيادة الإنتاجية والرضا الشخصي عبر الشعور بالقدرة على انجاز الأعمال وفق جدول منتظم بدون تأجيل أو ضغط نفسي. علاوة على ذلك، تسمح جدولة الأوقات بشكل فعال بتوفير فترات مرونة لاستخدام الطاقة الاجتماعية والحماس الثقافي بلا انزعاج بسبب تراكم المهام غير المكتملة. بالإضافة إلى اكتساب قدرة هائلة للتفرقة بين المهم والمعتاد باستخدام قابلية التركيز والدافع الداخلي لدفع عجلة الامتياز للأمام مستقبلا سواء كانت تلك المعرفة العلمية أو المكاسب الاقتصادية المتراكمة حصيلة جهود مكتسبة بنفس درجة حرص وآلية نفس الفترات الزمنية ذاتها! ويرافق شعورا بالأمان النفسي وثقة بالنفس نتيجة اعتبار النفس قادرة بالفعل علي الوصول لمستوي عالٍ من الرقي العقلي والسلوك المثالي حال تمتلك الأدوات اللازمة واتجهت نحو هدف واضح منذ بداية المعركة ضد عقبة مرور الوقت بسرعتها المعهودة حتمياً!