في سن المراهقة، يمر الأفراد بتحولات نفسية وجسدية كبيرة، مما يؤثر بشكل عميق على كيفية رؤيتهم لأنفسهم وكيف يريدون أن يُنظر إليهم من قبل الآخرين. هذا ما يعرف بمفهوم الذات، وهي العملية المعقدة التي تشكل فيها الفرد شعوره الخاص بذاته ومعانيه الداخلية. هذه الفترة الحساسة تتطلب تفكيرا عميقا حول القيم والتوقعات المجتمعية بالإضافة إلى الرغبات الشخصية.
تشير الدراسات النفسية الحديثة إلى عدة عوامل تساهم في بناء مفهوم الذات لدى المراهقين. أولها البيئة المنزلية؛ فالأسرة تلعب دوراً أساسياً في تحديد صورة الطفل لنفسه عبر التعزيز الإيجابي وردود الأفعال المختلفة تجاه تصرفات الطفل وأدائه الأكاديمي وغيرها من الجوانب. الأطفال الذين يشعرون بالقبول والدعم ضمن عائلاتهم غالباً ما ينمون بإحساس أعلى بالقيمة الذاتية والثقة بالنفس مقارنة بالأطفال الذين يعانون من عدم الاستقرار العاطفي أو الاعتقاد بأنهم غير مرغوب بهم.
ثانياً، التأثير الكبير للمدرسة والمجتمع المحيط به. العلاقات مع الأقران والمعلمين لها تأثير كبير على ثقة المراهق بنفسه وتقييمه لذاته. إذا شعر بحب واحترام زملائه ومديح معلميه، فمن المحتمل أن يتمتع بصورة أكثر إيجابية عن نفسه. بالمقابل، التنمر والاستبعاد الاجتماعي قد يؤدي إلى انخفاض الثقة وانعدام الشعور بالإنجاز الشخصي.
ثالثاً يأتي الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، والتي يمكن أن تكون مصدر معلومات ومصدر ضغط أيضاً. تعرض المراهق لمحتويات متنوعة مثل الأفلام والألعاب والبرامج التعليمية قد توسع نظرتَه للعالم ويحفز خياله وقدرات حل المشاكل لديه؛ لكن في الوقت نفسه، المقارنات الدائمة بين الواقع الافتراضي وما هو حقيقي قد تقوده للشعور بعدم الكفاءة أو الاكتئاب بسبب الضغط المتزايد للتوافق مع الصور المثالية المنتشرة.
أخيراً، البيولوجيا والعواطف الداخليه دور مهم جداً. هناك تغيرات هرمونية وعصبونية تحدث أثناء البلوغ تؤثر بدورها على الحالة النفسية والسلوك العام للمراهقين. لذلك فإن تزويد المراهق بفهم عميق لهذه التحولات البيولوجية والنفسية قد يساعد كثيراً في تعزيز صحته العقلية وتعزيز صورته الذاتية الصحية.
ختاما، بناء مفهوم ذات صحي ومستدام ليس سهلاً ولكنه ضروري لتطور الشخص واستقراره النفسي مستقبلا. يحتاج الآباء والمعلمون لكسر حاجز الصمت فيما يتعلق بهذا الموضوع الحيوي ودعم الشباب خلال رحلتهم نحو الاكتشاف الذاتي والفهم الروحي والحفاظ على احترام الذات بغض النظرعن الظروف الخارجية المؤقتة.