في العام 782 هجري الموافق لعام 1380 ميلادي، وقعت واحدة من أهم الحملات العسكرية الإسلامية خارج شبه الجزيرة العربية عندما قام السلطان محمد بن قلاوون المصري بتوجيه حملته نحو جزيرة رودس الخاضعة حينها لأيدي الفرسان الايوبيين. هذه الجزيرة الواقعة في بحر إيجه كانت مقرّاً كبيراً للفرسان الأوروبيين الذين عرفوا بمقاومتهم الشرسة ضد المسلمين خلال الحروب الصليبية.
بعد سنوات طويلة من الاستعداد والتخطيط الدقيق، بدأت القوات البحرية المصرية بالتحرك نحو رودس تحت القيادة الفعالة للأدميرال سليمان باشا الجركسي. وقد استمرت عملية الهجوم لمدة ثلاثين يوماً متواصلة، وذلك منذ بداية شهر رمضان حتى نهاية الشهر نفسه في نفس السنة. رغم الدفاع العنيف والصعب من قبل سكان الجزيرة المحميين بسور المدينة القوي والحصن الكبير "قلعة سانت جون"، تمكن الجيش الإسلامي من اختراق خطوط الدفاع بفضل استخدام الأسلحة الجديدة مثل المدافع الثقيلة التي أدخلت مؤخراً إلى العالم الإسلامي.
تمكن المغامرون البحريون العرب والمماليك من ضرب قوة الفرسان بشكل حاسم، مما أدى في النهاية إلى تسليم قلعة سان جون بدون شروط. هذا الحدث التاريخي كان له تأثير كبير ليس فقط بسبب خسارة المركز الرئيسي للفرسان ولكن أيضاً لأنه وضع نهاية فعالة للحملة الصليبية الأخيرة والتي دامت حوالي ثلاثة قرون.
هذا الانتصار لم يكن مجرد انتصار عسكري؛ بل كان أيضاً إنجازاً سياسياً وثقافياً حيث أثبت قدرات الدولة الإسلامية ومدى قدرتها على المناورة والإستراتيجية العسكرية المتقدمة. إن ذكرى معركة رودس ما زالت تحظى باحترام وتقدير واسعين بين المؤرخين والجغرافيين حول العالم حتى يومنا هذا كتجربة رائعة للتاريخ العربي الإسلامي والعالم الغربي القديم.