قصة زرقاء اليمامة: المرأة ذات البصر الخارق والحكمة القديمة

التعليقات · 0 مشاهدات

في عمق الصحراء الواسعة، وفي قلب أرض يُطلق عليها الآن «نجد»، برزت شخصية نادرة تُلقَّب بـ«زرقاء اليمامة». هكذا عرفتها روايات الرجال القدماء؛ امرأة تمتلك

في عمق الصحراء الواسعة، وفي قلب أرض يُطلق عليها الآن «نجد»، برزت شخصية نادرة تُلقَّب بـ«زرقاء اليمامة». هكذا عرفتها روايات الرجال القدماء؛ امرأة تمتلك نظراً ثاقباً يمكنه اكتشاف الأشياء البعيدة حتى ثلاثة أيام رحلة سير خلفها. وقد جاء لقبها إمَّا نسبةً إلى قبيلتها المعروفة باليمامة، وإمَّا لأنها أصبحت مشهورة بهذا الاسم منذ نشأتها.

نشأت زرقاء بين ربوع تلك المنطقة النائية، لكن بصيرتها الفريدة جعلتنا نعلم عنها رغم ابتعادهَا. فقد لاحظ الجميع موهبتها الاستثنائية عندما بلغت سن مبكرة. ومع انتشار خبر عينيْها الرائعتين، بدأت تلعب دورًا حيويًا في مجتمعها المحلي. لقد أصبح سكان تلك الأرض يعتمدون بشكل متزايد على رؤاها المتقدِّمة لتوقع اقتراب الغزاة وتحذيرهم مسبقًا. وظل الأمر كذلك لفترة طويلة حتى تعرقلت إحدى الحملات بغزو قادمة لأسباب خارجة عن سيطرتها -أو ربما بسبب خطتها المدروسة-.

وفي يومٍ من الأيام، جاءت قبيلة مجاورة مليئة بالحشود والسلاح، قررت غزو واحة اليمامة الآمنة. ولكن، كيف يمكنهم تجنب فضح مخططاتهم أمام مرآة وشيكة كزرقاء اليمامة؟ آلية بسيطة اقترحوها: تعليق عدد كبير من أغصان الأشجار فوق طريق تقدمهم ليخفي رؤيتهَا. ومع دقة توقعاتها المعتادة، شعرت بنوع ما من الاحتيال فور ظهور القوات وحجب أشكالها بواسطة هذه التقنية الهزيلة. إلا أنها وجدت نفسها وسط مجموعة شكوك من المجتمع تجاه تصريحاتها الجديدة.

وبينما استولت القرية المغيرة على المناظر الطبيعية وانتشرت قواتها حول المخيم، اتخذ زعيم الفرقة قرارًا مؤسفًا. ولم يعد بإمكانهم تحمل تهديد جديد مصدره عيناهَا المطلعتان أكثر مما يشكل تهديدا بالفعل. لذا فقد حذف الاثنين المصابان مباشرة تحت جنح الظلام، تاركا إياهم فارغان ومكتسى بجدار سميك للدم أسفل الجفن السفلي لكل منهما عند التحقيق فيهما لاحقا. أجابت بطريقة مبتسمة ودافئة حين وجه لها القائد أسئلة مطمئنة بشأن اللون الغريب في الجيوب الداخلية لعينيهَا قبل فترة قصيرة جدًا من وفاؤهما: "لقد كنتُ أتكسح دائمًا باستخدام قطرات حجر أثمد عربي أصفر عريق". وهو علاج طبي معروف لدى الطب الإسلامي بنصوص صحية مثبتة حديثًا أيضًا تشير إلى خصائص وقائية معينة ضد أمراض العين المختلفة نتيجة لاستخداماته المستمرة طوال حياتها القصيرة ولكنه ملحوظة!

وهذا ليس مجرد سرد تاريخي; إنه درس للعظمة الإنسانية وكيفية تأثير الأفراد ذوي المواهب الخاصة على مصائر العالم من حولهم كوحدات صغيرة داخل دائرة واسعة النطاق للأحداث الأكبر بكثير.

التعليقات