كان حنبعل باركا واحداً من أشهر القادة العسكريين في التاريخ القديم، وقد ترك بصمة لا تمحى في تاريخ الحروب بين روما وقرطاج. ولد حوالي العام 247 قبل الميلاد لعائلة نبيلة قرطاجية معروفة باسم "برقة"، والتي كانت تدير مملكة كبيرة داخل الأراضي التي تشمل الآن تونس وليبيا والمغرب حالياً. تربى حنبعل في محيط عسكري، حيث أصبح أباه وهو أميلكار يعتبر أحد أكثر الجنرالات شجاعةً وتأثيراً في ذلك الوقت.
تلقى حنبعل تعليمه المبكر تحت إشراف أفلاطونيين يونانيين، مما جعله يتمتع بفهم عميق للنظرية الاستراتيجية. عند بلوغه سن الرابعة عشر فقط، أقسم اليمين أمام الآلهة القرطاجية بأن يبقى عدواً مدى الحياة لروما - وهو ما كان له دور كبير فيما بعد خلال الحرب البونيقية الثانية (218-201 ق.م).
بدأت مسيرة حنبعل العسكرية عندما تولى قيادة الجيش ضد اليونان الشرقية عام 229 ق.م. وبعد عدة انتصارات ساحقة، استعادت قرطاج هيبوليس وبراكسياس وبنسوسا وغيرها الكثير. لكن الصراع الرئيسي جاء مع روما، مستخدماً خيوله البيكارنية الشهيرة للعبور عبر جبال الألب الشمالية الغربية إلى شمال إيطاليا. هنا وقع واحدة من أهم المعارك الفاصلة وهي معركة تراسيمينوس (217 ق.م) والتي أنهكت القوات الرومانية بشكل مؤلم.
على الرغم من هذه النكسات المتعددة، لم يستطع حنبعل تحقيق الانتصار النهائي بسبب الضغط المستمر الذي تعرضت له بلاده عقب غزو غازي كورسيكا وسردينيا ومظاهر ضعف اقتصادي داخلي جعلته يفقد دعم بعض الشخصيات المؤثرة في الدولة. رغم كل هذا، ظل حنبعل قائدا عسكريا مهيباً حتى وفاته غير المتوقعة نتيجة للتسمم بحسب البعض سنة 183 ق.م. إن سجل حنبعل كمقاتل ماهر واستراتيجي ذكي يعترف به العديد من المؤرخين كنموذج يحتذى به للأجيال القادمة.