يُعتبر الغموض سمة بارزة لدى العديد من الأفراد، وهو ليس مجرد ظاهرة لغوية بل هو حالة نفسية واجتماعية تتميز بها شخصية معينة. تُعرف هذه الشخصية باسم "الشخصية الغامضة"، والتي تميل إلى الاحتفاظ بسرّها وعزلة نفسها عن محيطها الاجتماعي. وعلى الرغم من إثارتهم للفِضول والخوف، إلا أن فهم طبيعة هذه الشخصية يمكن أن يكشف جانباً فريداً ومعقداً من الإنسانية.
هذه الدراسة ستستعرض معنا تعريف الغموض ومعانيَه المختلفة كما وردَ في اللغة العربية والعلم النفسي، وستسلط الضوء على سمات تلك الشخصية وأثرها على العلاقات الاجتماعية. سننظر أيضًا في جوانب القوة والمحدودية المرتبطة بهذا النوع من الطبائع البشرية.
التعريف اللغوي والنفسي للغُموض:
لفظ "غموض" يُشتق من الأصل الثلاثي "غ-م-ض"، والذي يعني الاختباء أو الإخفاء. أما علميًا، فنُطلق عليه اسم "النرجسية الدفاعية"، وهو مصطلح نظري يفسر ميل الشخص نحو السرية والانزواء. ينظر إليه علماء النفس كميكانيكية دفاعية لحماية الذات من الألم والحساسية الزائدة.
خصائص الشخصية الغامضة:
- الكتم: تحافظ مثل هذه الأنواع من الأشخاص على تفاصيل حياتهم الخاصة ولا تكشف الكثير عن عواطفهم وأفكارهم للأخرين. قد يعزو البعض ذلك إلى الشجاعة أو الرزانة بينما قد يربطه آخرون بالنرجسية العمياء أو الحاجة للشعور بأن العالم يحاول اختراق خصوصيتها.
- الثبات الأخلاقي: يؤمن هؤلاء بتوجهاتهم القيمية ويظهرون مرونة قليلة بشأنها مما يجعل علاقاتهم غير مستقرة بسبب صعوبة تغيير وجهات نظرهم بحرية.
- احترام الخصوصية: لديهم قدر كبير من احترام حدود الآخرين وتجنب التورط بما يسمونه شؤون الغير وهذا ما يصنع منهم شخص ذات ثقة عالية بدرجة كبيرة لكنه أيضا قد يسبب شعورا بانعدام الثقة لدى الطرف المقابل بالعلاقة.
- التشاؤم المنضبط: رغم تصور الجميع لهم بتفائل ثابت، لكن الواقع قد يكون مختلف تماما حيث يستطيع صاحب الطبيعة الغامضة التحكم بمواقفه للتكيف مع الظروف الخارجية مهما كانت شدتها ولكن بدون فرح واضح بالمستقبل.
- الجدارات الذهنية العالية: تتضمن القدرة علي إدارة المشاعر بطريقة هادئة وغير انفعالية وكذلك اتخاذ قرارات مدروسة بعناية قبل التنفيذ وبالتالي ضمان النجاح فيها أغلب الأوقات .
- الانطوائية والتردد الاجتماعى: تجنب المناسبات العامة والمشاركة المجتمعيه فضلاً عن ارتباط أقصر بفئات اجتماعية صغيرة جدا جدا؛ ليصبح الحفاظ عليها هدف أساسى بالنسبة لصاحب الطبيعه المغلق فى خلجات نفسه دوما!
الجانبان الإيجابيان والسالبان للشخصية الغامضة :
بالرغم مما سبق ذكره حول مدى جمال ورقي أفراد ذاك النوع ، نجد أيضاً مخاطر متعلقة بخفية دواخل الإنسان ؛ منها احتمال خيانة الأمانة ونكران الجميل كذلك افتقاره لإعتبار الآراء الأخرى واحتضان اختلافاتها وثرائها الثقافي والفكري المتنوع . إضافة إلي عزله المستمر لعزلته عنه هموم الاخرين وابتعاده المؤسف عن مشاركة الفرح والأحداث الاحتفائية سعياً منه للحصول علي مكان امن غير قابل للاستهداف ابدا !
أهمية معرفة انواع مختلفة لملامح الفرد وتعظيم محاسن كل اسلوب بالحياة :-
إن تقدير تنوّع طبائع البشر واحترام فروقات ميولاتهم يساعد مجتمعنا الحديث لتكون بيئته اكثر تساهلا ودعمآ لكل فرد لديه الحق باستقلاله واستمتاع ذاته دون فرض نموذج حياة موحدة مقابل عقابه بالإقصاء والاستغلال ! لذلك دعونا نقبل المسكوت عنه برضا وفهم وليس بغضب وزيف .. فالناس كما تطورت مواد صنع حضارتنا عبر التاريخ فلابد لها اليوم أيضَا بإعادة اكتشاف ماهرون الداخليه للعيش حقا بحالة انسجام وسط ملئ الدنيا حوله بمختلف درجات غرابة انتماءاته النوع الثالث عشر هنا ربما يكن !!