الزنك، وهو العنصر الكيميائي ذو الرمز Zn والرقم الذري 30، يعد جزءًا لا يتجزأ من مجموعة المعادن الانتقالية في الجدول الدوري للعناصر. هذا المعدن ليس فقط شائعًا بين المواد الخام المتاحة بشكل واسع في القشرة الأرضية؛ بل إنه أيضًا حيوي للحياة البشرية بسبب دوره العديدة والمختلفة داخل جسم الإنسان وخارجه.
التاريخ والاكتشاف يعودان إلى نهاية القرن الرابع عشر عندما بدأ الناس بالتعرف على هذه القطعة الثمينة من العالم الكيميائي. رغم توافره الطبيعي بكثافة نسبياً، إلا أنه لم يُكتشف مبكرًا نتيجة لتحديه الخاص: درجة انصهاره المنخفضة التي تتسبب بتبخيره أثناء عملية صهر خاماته الرئيسية -الرصاص-. لذلك، كانت معرفتنا بهذا العنصر متأخرة بعض الشيء مقارنة بمعرفة عناصر أخرى مثل الحديد والنحاس.
بالنظر إلى خصائص الزنك الفيزيائية، نجد أنه يأخذ اللون الأبيض الفضي مع لمسة زرقاء خافتة. صلابته تعني أنه مقاوم للطرق والسحب عند درجات الحرارة العادية، لكنه يصبح قابلاً للسحب والتشكيل فوق درجة مئة درجة مئوية. إضافة لهذه الخصائص، فإن موصلية الكهرباء هي واحدة مما يجعل منه عنصرا هاما في مختلف الصناعات.
أما خاصية ذات دلالة كبيرة فهي الجانب الكيميائي لهذا المعدن. بلوراته السداسية وحقيقة كونها عامل اختزال فعال للغاية تعتبر أساس صناعتها وانتشارها الواسع عبر التاريخ الحديث. ومع ذلك، تجدر الإشارة هنا إلى ارتباط الزنك الوثيق بدرجة الانصهار المنخفضة والتي تقدر بحوالي تسع مئة وسبعة درجات مئوية. هذا الفرق الكبير عنها بالنسبة لباقي المعادن الانتقالية يوضح تحدي طبيعة هذا العنصر منذ بداية تاريخ بحث علمي عنه.
دور الزنك لا يقتصر على تعزيز صفات مواد مختلفة بمقاومة الصدأ وتحسين تحمل النار للأشياء المصنوعة منها؛ حتى وإن بدت تلك الأمور واضحة ودورها محدود. ولكن التأثير الحقيقي يكمن فيما يحمله لعملية بناء أجسامنا وصحتنا العاملة الداخلية والخارجية.
العظام والجهاز العصبي هما موقعان رئيسيان لاستضافة كميات كبيرة جداً من مخزون الزنك بجسدنا. فضلاً عن احتوائه بغدد مثل الغدة البروستاتية والحماية الخاصة للعين أيضًا. توفر جميع هذه المواقع مزايا فريدة للجسم بما فيها مساعدتها في نموه البدني العقلي والنفسي بشكل صحيح وصحي. علاوة على قدرته على المساعدة في الشفاء من الجروح المختلفة وتعزيز دفاعات جهاز المناعة ضد المشاكل الصحية الأخرى المحتملة الخطورة.
قد يبدو الأمر مثيرا للإعجاب حتى الآن؛ فالزنك مسؤولٌ أيضا عن إنتاج إنزيمات الجهاز الهضمي مما يساعد بالتالي على عدة وظائف بيولوجية أساسية كالاستقلاب الغذائي وجهد الطاقة اللازم لكل خلايا الجسم لنقل أكسجين للهواء الخارجي لدعم عمل عضلات القلب وغيرها الكثير!
وبينما تعد حاجة الشخص البالغ متوسط الصحة لــ ٨–١١ ملجم / يوم كافية لتحقيق مستوى تصنيعه الحيوي المثالي ضمن حدود آمنة تماماً، تجدر الإشارة مرة أخيرة بأنه استهلاكه بكميات زائدة أمر خطير لأنه سيؤثر سلبيًا على الامتصاص الطبيعية لكليهما الحديد والنحاس داخلكِم!.