في قلب كل عائلة عربية تكمن قصة قوية ومتنوعة غالباً ما يربطها حب العائلة والأصالة والتاريخ الغني لحياة الجدّات. إن الحديث عن "جدة"، ليس مجرد ذكر لشخص واحد قديم السن، بل هو الاحتفاء بتراث ثقافي وفكري عميق. هذه الشخصية لها دور بارز ومؤثر في تشكيل الهوية الثقافية للأجيال الجديدة داخل مجتمعاتنا العربية.
تعتبر الجدّة مصدر الحكمة والعرفان بالحياة. فهي تحمل بين ثنايا ذاكرتها العديد من الروايات والمواقف التي تعكس النموذج الأمثل للمرأة القوية والمستقيمة الأخلاق. تُعدّ معرفتها بالتقاليد الدينية والإيمانية جزءاً أساسياً من كونها محوراً رئيسياً للتعليم غير الرسمي لأحفادها وأبنائها. كما أنها تعتبر حجر الأساس في حفظ اللغة والثقافة المحلية، مما يجعلها حافظة إرث تراثي ثقيل الوزن وفاعل مهم في نقله للأجيال التالية.
بالإضافة إلى ذلك، تلعب الجدّة دوراً محورياً في تقديم الرعاية والدعم النفسي. خصوصيتها وطابعها الهادئ هما عامل جذب للأطفال الذين يشعرون بالأمان والاستقرار عند وجودها. إنها توفر لهم بيئة مليئة بالحب والصبر والفهم العميق لاحتياجات الأطفال النفسية والجسدية.
وعلى الرغم من التحولات الاجتماعية الحديثة والتقدم العلمي والتكنولوجي، فإن حضور ورؤية الجدة لم ينحسر حتى الآن في كثيرٍ من البيوت العربية. بل بدلاً من ذلك، أصبح الناس أكثر وعيا بأهمية التواصل المستمر مع الماضي وإدراك أهمية انتقال الخبرات والمعرفة المتراكمة عبر الأجيال. وهذا يعكس تقديراً متزايدا لدور المرأة المسن والحاجة الملحة للحفاظ عليه وتقديره.
ختاماً، يمكن القول بأن البحث حول شخصية "جدة" ليس فقط تسجيل لسيرة ذاتية لشخص واحد ولكنه أيضاً رحلة فكرية وجغرافية لاستعادة جذورنا واستشراف مستقبل يحافظ على تراثنا ويتمسك بحاضره بإيجابية. إنه احتفال بجمال الحياة وبإنسانية الإنسان تحت مظلة التاريخ المشترك للإنسانية جمعاء.