النص الحجاجي هو شكل مقنع وفعال للتعبير الكتابي يهدف إلى إقناع القارئ برؤية معينة أو تغيير رأيه حول قضية ما. لكي يكون هذا النوع من النصوص فعالاً ومؤثراً، ينبغي أن تتوافر فيه بعض الخصائص الرئيسية التي تضمن له تحقيق هدفه. سنستعرض هنا أهم هذه الخصائص بناءً على المعايير الأدبية والبلاغية التقليدية والمبادئ الأخلاقية المتعلقة بإقناع الآخرين بشكل عادل ومنصف.
- وضوح الرؤية: أولاً، يجب أن يتمتع النص الحجاجي بوضوح واضح بشأن الرأي الذي يدافع عنه. هذا يعني تحديد موقف محدد ودقيق فيما يتعلق بالقضية المطروحة، وتجنب الغموض والتردد الذي قد يحول دون فهم الرسالة المقترحة.
- استخدام أدلة قاطعة: تعتمد حجج النص الحجاجي الناجح على تقديم أدلة واضحة ومعتبرة تدعم وجهات النظر المطروحة. يمكن لهذه الأدلة أن تأتي من مصادر متعددة مثل الدراسات العلمية، التجارب العملية، الأمثلة التاريخية، أو الشهادات الشخصية ذات الصلة.
- التماسك المنطقي: يحتاج النص الحجاجي الجيد إلى نسج دقيق بين الأجزاء المختلفة للحجة بطريقة منطقية ومتسلسلة. وهذا يشجع القراء على الاستمرار في متابعة التفكير بالمسارات نفسها التي يسلكها المؤلف أثناء بنائه لحجيته. كما يؤكد ذلك على صدقية وجهة نظر الشخص الذي يدوّن الحجة ويبرز قدرته على التحليل والإدراك العميق للقضايا محل النقاش.
- الحرص على الإنصاف: يعد الاحترام والإنصاف أمورًا حيوية عند تناول مواضيع خلافية حساسة اجتماعيًا وثقافيًا وسياسيًا وغيرها الكثير عبر الأقلام والنصوص المكتوبة عامة وفي مجال الخطاب الحجاجي خصوصا. إذ يجب مراعاة جميع الآراء حتى وإن اختلف المرء معها ضمن إطار أخلاقي غير متحيز ولا عدائي نحو الآخر المختلف معه فكريًا وفلسفيًا واجتماعييًا أيضًا.
- إشراك الجمهور: للنص الحجاجي فعالية مضاعفة عندما يستطيع مخاطبة جمهوره مباشرة واستخدام لغتهم الخاصة وأسلوبهم الثقافي العام بدلاً من استخدام المصطلحات الأكاديمية المبهمة والتي قد تحجب فهم رسائله عن جمهور واسع مما يقضي تماما علي تأثيره وسيلة إقناعه المؤثر . إن جعل الناس يشعرون بأنه شخصٌ منهم وليس مجرد راوي سرديات يُفصل عنها المسافة الواضحَة - هذا كلّه يساعد الأشخاص الذين يقرأون تلك الأعمال الإبداعية التأثيرية بأن يصبحوا مشاركين نشطاء فيها بدلاً من كونهم مجرد مستمعين سلبيين فقط!
- تقبل الاعتراف بالعوائق: لا يوجد دليل مثالي لأي قضية مطروحَة للنقاش؛ وبالتالي، فإن قبول وجود نقائص وحساب احتمال عدم اليقينية أمر أساسي لبناء أقوى زاوية دفاع حوارية تستند إليها الأفكار خلال هذه المواجهة الجدلية المدروسة جيدَا عبر انفتاح ذهني رحيب لإمكانيات ورود فرضيات أخرى منافسة وخيارات بدائل جديدة مفتوحة أمام الجميع بلا استثناءٍ وسط فضاء حر للعقل البشري قادر دائماً على إنتاج البديل المناسب للموقف المناسب حسب الظروف والحاجة الملحة لتغيير الواقع الحالي..هذه هي بعض الخصائص التي تمثل أساسيات كتابة نص حجاجي ناضِج يصاغ بنظرة شمولية تشمل جوانبه المعرفية والأخلاقية والسلوكية والثقافية أيضا لتحقيق الهدف الرئيسي لنشوء خطاب مجتمعِي نبيل يعبرعن أفراد ذوي رؤى متنوعة لكن تحت مظلّة مصالح مشتركة تسعى للأفضل دائمًا ! وهكذا تبدأ مهمتنا اليوم بتقديم نموذج عملي لكتابه مقالات حجاجية قادره حقآعلي ترك أثرا مؤثرا لدى قرّاؤها الأعزاء...