تأتي الحرب العالمية الثانية كأكبر مواجهة عالمية خلفت آلاماً بشرية ومعاناة مادية ونظام سياسي جديد. امتدت النزاعات بين ١٩٣٩ و١٩٤٥ لتشمل القوى العظمى وتستخدم أسلحة غير مسبوقة، وكانت لها تداعيات واسعة عبر المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.

الخسائر البشرية الفادحة

إن ذكرى هذه الحملة العدوانية تجسد نفسها أولًا في الكم الهائل من الوفيات غير المسبوق في تاريخ الحروب. فقد بلغ عدد الجنود الذين سقطوا حوالي ١٧ مليونًا. ولكن إذا أخذنا بالحسبان المدنيين أيضًا - الرجال والنساء والأطفال الذين لقوا حتفهم بسبب أعمال العنف والحصار والقصف المكثف والمحرقة النازية – تكون الأمور أكثر قتامة بكثير مما تبدو عليه الأعداد الرسمية التي تُقدَّم غالبًا.

"هيروشيما" و"ناجازاكي": محطتا نهاية العالم الحقيقيتان

من اللافت للنظر خروج مدينة واحدة على وجه الخصوص من الظل وهي "هيروشيما". إنها المدينة الأكثر شهرة بسبب كونها موقع أول استخدام لسلاح نووي ضد البشرية. أما بالنسبة لأخرى مثل "ناجازاكي"، فإن مصيرها لم يكن أقل مرارة رغم تأخير إسقاط القنبلة عليها لبضعة أيام فقط. أسفر هذان الحدثان مروعان عن موجة هائلة من الدمار والموت والتلوث الإشعاعي الذي أثّر على الأجيال التالية وعلى البيئة الطبيعية أيضًا.

الثمن الثقيل للحرب اقتصاديًا

كان للعصور اللاحقة للحرب ندوب ملحوظة للغاية بالنظر للتلف الواسع النطاق للنُّصَب والبنى التحتية للمدن الرئيسية في مختلف أنحاء العالم الغربي. حيث قدرت تقديرات الفترة ما بعد الحرب بأن نسبة كبيرة تقدر بحوالي السبعون بالمائة من المصانع قد تعرضت للأذى الشديد أو الدمار الكامل! علاوة على ذلك، تركت الأعمال العدائية آثارها الخطيرة للغاية حتى على المستويات الأعلى للقوة وصنع القرار داخل معظم المؤسسات الأوروبية الرئيسة آنذاك ومن ضمنها روسيا الشيوعية والسلم الغربي القديم للدول المحورية الثلاث لهزيمة ألمانيا وهتلر : بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية والصين . بالتزامن مع هذا الانحدار المرعب لجبهة الدول المنتصرة ظهر نهوض نوع آخر من المجتمعات وقدمت لنا أمثلة طموحة جديدة للإعادة التأهيل الوطني المعجز كالنموذجين الياباني والألماني حديث الاستفاقة والتي اصبحت منذ ذاك الوقت مركزين رائدين لصناعة البرمجيات الحديثة والعالية التقنية حول العالم بفضل إعادة الإنتاج الصناعي الكبير بعد الانتصار المؤزر .

تحولات جيوسياسية ضخمة

عمقت سنوات الاحتلال المزيد من التعقيد السياساتي لنظام العلاقات الدولية الحالي وذلك بإضافة تعزيز هيبة superpowers الجديدة وتعزيز هيمنة الطرف الآخر وحصولهما بصورة متزايدة على حق الفيتو أمام مجلس الأمن الدولي ومجلس الأمن العام والذي أصبح يحمل اسم مجلس حماية السلام العالمي لاحقا منذ بداية خمسينات القرن الماضي . وفي ظل توتر الحدود الحادة بين الشرق والغرب ، صاحب تلك الحقبة ظهور لاتحاد شيوعي موسكوفي وتمسك شرايين الحياة السياسية بتلك الهالة العنيفة ليساهم بذلك بموجبات منطقية منطقية لانطلاق عصر جديد لحروب باردة رحبت بالعهد الجديد للتطور العلمي والتقدم العلمي والتقني وبالتالي توسيع دائرة البحث والاستثمار المستمر نحو اكتشاف الطاقة الذرية البديلة وخلق انواع متنوعة اضافيه لكافة أنواع الاسلحه الفتاكه والمعروف حالياً باسم السباق التسليحي العالمي المبكر والذي برز باعتباره أحد أهم اسباب اندلاع نزاعات خطيرة مرتبطة مباشرة بانعدام توازن الرعب الجيوبولتيكي عند النظر الى استراتيجيات الدفاع المشابهه لدى الجانبين المتحاربين السابقين ولكلا منهما القدرة الكبيرة لإطلاق صاروخ ذو حمولة نووية اتجاه مناطق ذات قرار حيوي لكل طرف بغرض تحقيق هدف واضح وإحداث حالة ترقب مستدام دائم بشأن قدرته الخاصة بنصب أفخاخ التدمير المعلنة علانية بدون ان يجد اي اعتراض قانوني لذلك!.

وفي النهاية يمكن وصف تبعاته المستقبلية بما تشكل عنه الآن ويظهر مدى فعالية التفكير السياسي الحديث لحكومتنا الوطنية وكذلك الحكومات والشركات الخاصه في دفع عجله الاقتصاد والتخطيط الاستراتيجي وفق رؤية واضحه لاسلوب تطوير عمران حضاري عصري يكفل رفاه شعبنا العزيز ويخدم قضاياه المرتبطه بسد حاجتها الملحة للأمان الاجتماعي والديمقراطيه داخليا والخارجيا أيضا ..