الحمد لله الذي أرسل محمدًا صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين، وهدى به من الضلال إلى الهدى. إن الحديث عن الخلفاء الراشدين الأربعة -أبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب- رضي الله عنهم أجمعين، هو حديث عن أصحاب الفضل في الإسلام، الذين ساروا على نهج النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته.

أبو بكر الصديق، عبد الله بن أبي قحافة، أول من آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم من الرجال، وأول الخلفاء الراشدين. كان سيدًا من سادات قريش، وغنيًا من كبار موسريهم. شهد الحروب مع النبي صلى الله عليه وسلم واحتمل الشدائد، وبذل الأموال في سبيل الله. بويع بالخلافة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، سنة 11 للهجرة. حارب المرتدين والممتنعين عن أداء الزكاة، وأقام دعائم الإسلام. توفي ليلة الثلاثاء لثمان خلون من جمادى الآخرة وهو ابن ثلاث وستين سنة.

عمر بن الخطاب، ثاني الخلفاء الراشدين، وأول من لقب بأمير المؤمنين. كان في الجاهلية من أبطال قريش وأشرافهم. أسلم قبل الهجرة بخمس سنوات وشهد الوقائع مع النبي صلى الله عليه وسلم. بويع بالخلافة بعد وفاة أبي بكر الصديق وبعهد منه، بعد استشارة الناس فيه فوافقوه. قطع العطاء عن المؤلفة قلوبهم بعد اعتزاز الإسلام وقوة شوكته. أول من بدأ التاريخ بسنة الهجرة النبوية، وأول من دون الدواوين في الإسلام.

عثمان بن عفان، ثالث الخلفاء الراشدين. كان من السابقين إلى الإسلام، ومن السابقين إلى الهجرة. بويع بالخلافة بعد وفاة عمر بن الخطاب وبعهد منه، بعد استشارة الناس فيه فوافقوه. افتتحت في أيامه بعض بلاد الشام والعراق. توفي ليلة الجمعة لليلتين بقيتا من ذي الحجة سنة 35 للهجرة وهو ابن ثمان وخمسين سنة.

علي بن أبي طالب، رابع الخلفاء الراشدين. كان من السابقين إلى الإسلام، ومن السابقين إلى الهجرة. بويع بالخلافة بعد مقتل عثمان بن عفان وبعهد منه، بعد استشارة الناس فيه فوافقوه. توفي ليلة الجمعة لليلتين بقيتا من رمضان سنة 40 للهجرة وهو ابن ثمان وخمسين سنة.

كان هؤلاء الخلفاء الراشدون قدوة حسنة للمسلمين في التقوى والعدل والرحمة. أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالاقتداء بسنتهم كما في الحديث الذي رواه الترمذي وغيره بإسناد صحيح: "فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي". إن دراسة سيرتهم وتاريخهم يعلمنا دروسًا قيمة في الإدارة والحكم والقيادة الإسلامية.