تجذب اليابان عشاق الهدوء والعافية بحثًا عن تجربة فريدة تدوم آثارها طويلاً. تتميز البلاد بثراء جيولوجي استثنائي جعلها موطنًا لأكبر مجموعة متنوعة من منابع المياه الساخنة في العالم. يعود هذا الثراء إلى موقع اليابان الرائع فوق سلسلة كثيفة ومتنوعة من البراكين النشطة. تضم اليابان حوالي ٢٤٥ بركانًا، منهم نحو ٨٦ بركانًا نشطًا حاليًا. وهذا الوضع الجيولوجي الفريد يسمح بتدفق كميات هائلة من المياه الساخنة المعدنية الغنية بالعناصر الدقيقة والمغذيات الصحية للجسم.
تشكل الحدود التقاطعية للألواح التكتونية أسفل جزيرة الأرخبيل مصدرَ حراري داخلي يدفع بدرجة حرارة التربة والصخور لارتفاع ملحوظ. نتيجة هذا التماسق الحراري المكثف، تنطلق ملايين الأدرات من الماء الساخن سالكة مسارات عبر طبقات الأرض المختلفة قبل ظهورها أخيرًا كمنابع حرارية غنية ومعقدة التركيب. وقد بلغ تعداد تلك المشاهد الطبيعية البديعة ١,٢٢٠ ينبعًا مختلفًا منتشرًا بكثافة عبر طول وعرض الجزيرة.
ولعل أكثر موارد الطاقة الحرارية شهرة تشمل "أونسِن"؛ وهو مصطلح محلي يشير لنهر أو بحيرة ذات محتوى معدني مرتفع خاصة كالحديد والسيلكون مما يحيله بلون ترابي مميز. يتمتع هذا النوع بخاصية علاجية معروفة منذ القدم حيث كانت تستعين بها القوات الملكية خلال فترة الحرب لبناء مقاومتهم ضد الألم والمعاناة الناجمة عنها. بالإضافة لما سبق ذكره، توفر المنابع الأخرى خصائص بارزه أخرى بناءٌ عليها تصنيفاتها الخاصة كذلك سيناقش لاحقا ضمن السياق أدناه.
إن التأثير الجمالي لهذه المناظر الطبيعية ليس أقل إبهارا من تأثيرها المفيد لصحة الإنسان. تبدو المناظر المحيطة بالمنبع وكأنها قطعت من لوحة رسم خيالية ساحرة مصنوعة حسب طلب مشاهدي جماليتها المستمتعين بالسحر البيئي بينما يغمر أجسادهم دفء هذه المياه المدفونة عميقآ لآلاف السنوات تحت سطح الأرض! قد يجرب البعض مغامرتـه الشخصية بإقامة جلساته العلاجية خارج حدود نطاق المكان الداخلي الملحق لكل منبع، ربما قرروا بذلك دخول غرفة حمَّامي مجاور لشلال بري يخطف النفس،أو حتى اختيار غرفة تحت الأرض بجدران محفورة بتعرجات منحوتة بطرق عجيبة تحكي قصة الماضي القديم للعالم السفلي الضبابي والذي كان يعمل مختبريًّا لحالة حالة الانسان البدائي المبكر وما ارتبط بها من معتقدات حول قدرتها المقدسة لإعادة الروابط الإنسانية والحفاظ علي توازن الجسم والنفس تجاه مخاطر الحياة اليومية القاسية وقتذاك .
وبالتالي فإن وصف الحالة العامة لمنطقة أبو سن يعد بلا شك مثال حي لدعم علاقتنا الوثيقة بالأرض ومحيطنا البيولوجي, فهو وسيلة فعالة لاسترجاع بعض الإحسـاس الذاتي الذي يبدو أنه تلاشــى مؤخرًا بسبب تكاثف المباني والأبنية الحديثة، وإضافة لمسألة إعادة الاتصال والتواصل مع جذور جذوره التشريحية الداخلية والخارجية أيضًا!