تلعب المشاعر دوراً محورياً في تشكيل سلوكياتنا وردود أفعالنا نحو الحياة اليومية؛ فهي المحفز الداخلي الذي يحثنا على الاجتهاد والسعي لتحقيق الأهداف الشخصية والاجتماعية. سواء كان الأمر متعلقاً بالمظهر الخارجي، كالرياضة للحفاظ على الصحة الجسدية والنفسية، أو البحث العلمي لتعزيز المعرفة والاستقلال الفكري، فإن المشاعر تنبع أساساً من إدراكنا للأحداث والمحيط بنا. هذه الإشارات العاطفية تؤثر بشكل عميق في طريقة تفكيرنا وشعورنا وتصرفاتنا، فتحدد مسارات حياتنا المستقبلية.
وفي ضوء علم النفس، يُعتبر "النظام اللاإرادي" -أو ما يعرف بالنطاقي- منطقة حيوية للدماغ المسؤولة جزئيًا عن تنظيم العواطف. تطورت تلك المنطقة بوتيرة متسارعة خلال مراحل تطور البشر المبكرة، مما جعلها تتميز بالحساسية الشديدة للتغيرات البيئية والداخلية. نتيجة لموقعها المبدئي نسبياً داخل بنية الدماغ البشري، يصعب التحكم فيها عادة، إذ إنها تستجيب بصورة مباشرة وأحيانًا عفوية لأحداث محيطة أو ذكرى مؤثرة. هذا يعني أن استجابة الأفراد للعواطف يمكن أن تتسم بالقوة والبروز، خاصة عند مواجهة مواقف مشابهة لتلك المرتبطة بتجارب سابقة. وفي الواقع، تعد المشاعر مدخلاً رئيسيًا لفهم هويّة الفرد ومعتقداته الأخلاقية والقيم التي يؤمن بها؛ فقد تشهد ظهور انفعالات مكبوتة لدى البعض عند انتهاك شروط اجتماعية أو أخلاقية راسخة لديهم.
وبالتالي، يعترف علماء النفس بفائدة اكتساب مهارات إدارة العواطف الذاتية من منظور نظري وفلسفي. وذلك عبر التعرف على الربط الوثيق بين تجارب المرء السابقة وعواطفه الراهنة، وكذلك دوره في ترسيخ مفاهيمه الخاصة بالأمور ذات الصلة بمبادئه الشخصية. تعمل مثل هذه التفاهمات كمفاتيح أساسية في فتح أبواب سيطرة الفرد على نفسه وإدارة أحاسيسه بطريقة صحية ومتوازنة تعكس احترامه لنفسه ولآخرين أيضًا. إن تبني نهج شامل للمعالجة العقليّة لهذه الروابط الداخلية والخارجية يعد خطوة أولى فعالة نحو تحقيق قدر أكبر من التحكم بالعواطف والحفاظ عليها ضمن حدود طبيعيّة وصحيّة طويل المدى.