حرب الاستنزاف هي مصطلح استخدمه الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر لوصف سلسلة من العمليات العسكرية المكثفة التي دارت رحاها بين مصر وإسرائيل في الفترة الواقعة بين يونيو/تموز 1967 ومايو/أيار 1970، عقب هزيمة يونيو 1967. وكان الهدف الرئيسي لهذه الحملة هو تحقيق مكاسب استراتيجية عبر إجبار إسرائيل على تحمل خسائر بشرية ومادية متكررة، مما يؤدي إلى تجفيف مواردها بشكل فعال.
وقد سميت بهذا الاسم لأنها حملت طابعاً مختلفاً عن الحروب التقليدية؛ إذ ركز الجانبان فيها على تبادل ضربات محدودة ولكن متواترة ومتلاحقة، هدفها الأساسي تثبيت مواقع الدفاع وخلق حالة من عدم اليقين لدى قوات العدو بشأن قدرتهم على شن عمليات واسعة النطاق بدون مواجهة مقاومة شديدة. وكانت هذه الحرب جزءاً أساسياً ضمن مسار نضال الشعب العربي ضد الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين منذ عام 1948 وحتى توقيع اتفاقية كامب ديفيد عام 1978.
في بداية الحرب، وبعد انسحاب القوات المصرية من شبه جزيرة سيناء والتراجع خلف خط حدودي جديد عند غرب قناة السويس، شرعت القاهرة في بناء تحصينات عسكرية كبيرة وصامدة حول مضيق الوصل المائي الحيوي بين البحر الأحمر والبحر المتوسط. وفي أول يوليو 1967، افتتح الجانب المصري النار على المواقع المحصنة للجيش الإسرائيلي الموجودة شرق القناة. هنا ظهر فارق كبير في القدرات العسكرية والمعدات الحديثة لصالح دولة اليهود مقابل تقادم المعدات المستخدمة لدى المصريين الذين سعوا للحصول على دعم روسي لتحديث ترسانتها العسكرية.
يمكن تقسيم مجريات حرب الاستنزاف إلى ثلاث مراحل رئيسية: الأولى تتمثل في "مرحلة الصمود"، والتي شهدت اشتباكات وجدانية كثيفة مثل عملية "رأس العش" الشهيرة وكذلك أعمال بطولية للقوات الجوية والدبابات المصرية إضافة لغرق فرقاطة بحرية Israelية أثناء إحدى الحملات الرئيسية للتسلل تحت غطاء الليل. أما المرحلة الثانية فقد اتسمت بممارسة نوع جديد من الهجمات الضاغطة المنسقة والتي تركزت أغلبية اهدافها نحو تشكيل خطوط دفاع المشاة المنتشرة فوق مرتفعات مرتفوعات يفصلها فقط عمق مياه ضحل عن البر الرئيسي للشطر الثاني من الوطن الأم مصر العاصمة القاهرة. ولم يكن ينظر لها كمحاولة مباشرة للإطباق عليها وإنما لإحداث ثقوب تستطيع المرور منها لاحقا نحو الشاطئ المقابل للقضاء النهائي للعصابات الغازية غير المرغوب تواجدها هناك أصلا. ومع ذلك سرعان ماتبنا اليهود تدابير أمان جديدة جعلت اختراقها أمر أشبه بالمستحيل إلا أن وكلاء النظام السياسي آنذاك لم يدخروا وسيلة للبحث عن ثغرات داخل تلك الاعمال الهندسية المضادة بما يعطي مؤشرات واضحة بأنهم يقتربون أكثر فأكثر وكل يوم من يوم باتجاه اليوم المؤكد لتحرير الأرض المغتصبة بإذن الله سبحانه وتعالى .
وتمثل نهاية حقبة الأعمال العدائية بقرار طرفي النزاع بالتوقف رسميا لما يسمى «معركة الموءتمر الصحفى» والذي اعتبره المؤرخون انتقالا لحالة جديدة ستكون نتائج هامة منها مفاجئات سياسية وعسكرية كبيرة جدا قادمة حتما بلا شك بتوقيع وثيقة سلام نهائية شاملة وحقيقية تؤمن الحقوق المكتسبة لكل شعوب المنطقة العربية والأفريقية والأوروبية كذلك حتى وان تأخرت قليلاً لكنها ستحقق بكل تأكيد نجاحاً ساحقا وهو ما أثبتته الأيام بالفعل فيما بعد حين اندلع انفجار فعلى ميدان الكرملين الروسي ثم تسلسل الحدث نفسه بنسخ مختلفة عدة مرات أخرى آخرها قبل أقل من عقد واحد فقط !