يمكن تتبع جذور فن الكتابة وابتكارها إلى الحقبات الأولى للحضارات الإنسانية، مما يشهد على عبقرية الإنسان المبكر واستعداده للتواصل والتدوين. تعود أصول الكتابة إلى رسم الصيد الجائر القديم الذي يرجع بتاريخه لما يزيد عن ثلاثين ألف سنة، وهو ما نلحظه في لوحات كهف شوفيه الفرنسي الشهيرة بصورتها حيوانات برية مختلفة. رغم عدم تأكيد المؤرخين لطبيعة هذه الرسومات سواء كوسيلة اتصال بين المجتمعات البدائية أو مجرد تصوير مجازي للحياة اليومية لهم، إلا أنها تشكل لبنة أولى في بناء تقنيات التواصل المكتوب لاحقا.
مع تقدم الحقب الزمنية وتحول المجتمع نحو مجتمعات حضرية مركزية، احتاجت الإدارات الحكومية والمتاحف التجارية المتخصصة لآلية فعالة لتسجيل وحفظ البيانات المالية والمعاملات المختلفة. هنا جاء دور الكتابة السومرية -أحد أكثر نظم القراءة كتابتها شهرة ورواجا- والتي استخدم فيها السومريون الأقراص الطينية الرخوة كدفتر تسجيلات. أدوات مدببة تساعد على نقش رمزيات تجسد الأشياء المادية وطرائق معاملاتها اليومية بنظام رمزي واضح المدلول يستطيع كل فرد فهمه وفهمه.
وفي السياق نفسه، أثبت المصريون القدماء موهبتهم وإتقانهم استخدام الكتابة أيضًا؛ إذ توضح النقوش الموجودة داخل المعابد وساحاته ليس فقط الخبرة الشاملة للأمم ولكن أيضًا مهاراتهم الفائقة في الرسم والنحت وصناعة الأدوات اللازمة لحفر النصوص الخطية المطولة على الأعمدة والجدران الخارجية والبنيان الداخلى للديرئ.
ومن ثم انتقلت الأمور نحو مرحلة أكثر تطورا من خلال تقديم "النظام الأبجدي" والذي يمكن اعتباره الثورة النوعية الأكبر منذ عصر الانتشار العالمي لنشر التعليم والقضاء نهائيًا على جهل الناس بكافة المستويات الاجتماعيةوالاقتصادية والثقافية. ومع ذلك ، فهو يحتوي ضمن تكوينه أيضًا نقط ضعف ملحوظة خاصة عندما ينصب التركيز حول دراسة خصائص الصوت الخاصة بالإصدارات المنفية والعروض الشعرية الأخرى .
إجمالا, لعب العرب والفينيقيون دوراً محورياً في انتشار "الأبجديات"، وهي تعد النسخ الحديثة للمذاهب السابقة لها والتي ترسخت وجوديتها أثناء القرن الثاني عشر بعد الميلاد (١٢٠٠ ميلادي). وهكذا خلق الانسان صنوه بواسطة يديه وعقله ليصبح بذلك محاطًا بوسائل علم معرفته وذلك بهدف تحسين ذاته وتعزيز رفد تراكم خبرات اجيال هدافده وخلفائه اللاحقه لهما