بدأ بناء الأهرامات في مصر خلال فترة الدولة القديمة، التي امتدت بين عامَيْ 2686 و2325 قبل الميلاد تقريبًا. كانت هذه التحف المعمارية الضخمة جزءًا لا يتجزأ من ثقافة المصريين القدماء، الذين آمنوا بحياة بعد الموت وغرسوا فيها إيمان عميق بأن ملكهم سيستمر حكمه حتى في العالم السفلي. وكان هدف إنشاء تلك الأهرامات تكريم فراعنة مصر وحفظ ذكراهم للأجيال القادمة.

يرجع الفضل لبناء أول هيكل هرمي كبير إلى الفرعون "خوفو"، مؤسس الأسرة الرابعة، حوالي عام 2551 قبل الميلاد. وتمثل أقدم وأكبر أهرامات الجيزة اليوم، إذ يصل ارتفاعه إلى نحو 138 متراً فوق الهضبة الصحراوية. وفي وقت لاحق، شيد ابنه "خفرع" الهرم الثاني حوالي عام 2520 قبل الميلاد، وهو معروف أيضًا بتماثيل أبي الهول الشهيرة المحفوظة هناك. أما الهرم الثالث والأقل حجماً فهو لـ "منكاورع"، الذي اكتمل بناؤه بحلول عام 2490 قبل الميلاد تقريبًا.

بالنسبة لطرق وآليات البناء المعقدة لهذه المباني المهيبة، فقد أثارت الكثير من الاستفسارات والنقاشات التاريخية. تشير إحدى النظريات الشائعة إلى أنه ربما تم قطع أحجار الأهرامات الهائلة من مقالع محلية ومن ثم نقلها بواسطة نظام متطور للغاية يُعتقد بأنه يستخدم مساعدات طبيعية مثل المياه والجليد للتسهيل على العمال حمل هذه الأحجام الضخمة والحفاظ عليها أثناء عملية التركيب الدقيق لأكثر من مليون كتلة حجرية لكل هرم! وعلى الرغم من عدم وجود توافق عالمي حول الطريقة الأكثر دقة لنقل تلك القطع الثقيلة، إلا أنها ظاهرة مذهلة بلا شك تلقي الضوء على براعة الشعب المصري القديم وهندسته الرائعة.

ومن الجدير بالذكر أيضاً النظرية المرتبطة بالتسخير المتزايد للقوة البشرية وسط خلافات مستمرة بشأن الظروف الإنسانية لهؤلاء العمال والمستخدمين لساعات طويلة بدون راحة أو تغذية كافية؛ مما أدى إلى وفاة كثير منهم حسب بعض الروايات المكتوبة حديثاً والتي لم تنل قبولاً واسع النطاق ضمن دائرة المؤرخين الرسميين حتى الوقت الحالي. ومع ذلك، فإن أهمية ودلالة هذا العمل الهندسي الكبير والتاريخ الغني للأهرامات تبقى ثابتة وغير قابلة للتشكيك رغم الاختلاف حول تفاصيل صنعها.