يعدّ ترتيب عناصر الجملة جزءًا أساسيًا من بناء الجملة الصحيح في اللغة العربية. ويُطلق عليه "النظام البنائي"، وهو ما يحدد كيفية توظيف أجزاء مختلفة من العبارة بما يُحقق رسالة واضحة ومفهومة للمستمع أو القارئ. أحد هذه الأنظمة البنائية المعروفة هي "تقديم المفعول به قبل الفاعل". هذا الشكل البلاغي يأتي عادةً لحاجة معينة، مثل إبراز أهمية الحدث بموضوعيته المنفصلة عن مرتكب العمل.
في التركيبة التقليدية للجملة العربية، يتم وضع الفاعل أولاً، ثم تأتي الظروف والمفعول به فيما بعد. ومع ذلك، فإن تقديمة المفعول به - الشخص أو الشيء المتأثر بالعمل - قبل الفاعل يمكن أن يؤدي إلى التأثير بشكل كبير على معنى الجملة وتركيزها. قد يستخدم الكتاب والمؤلفون العرب هذا النظام لإضافة عمق للشعر والأدب، بينما يحاول المتحدثون المحترفون تحقيق المزيد من الاهتمام والتأكيد عبر نقل تركيز الاستماع نحو الموضوع الأكثر أهمية بالنسبة لهم.
على سبيل المثال، عندما نقول: "قرأ الطالب كتاب الأدب"، فإن التركيز هنا على فعل القراءة وما إذا كان قد تمت بشكل ناجح أم لا. لكن عند قول: "كتاب الأدب قرأه الطالب"، فإن التركيز ينتقل مباشرة إلى الشيء المقروء - الكتاب نفسه - وكأن هناك مبرر للقراءة هو قيمة محتواه العلمية والأدبية.
بالإضافة لذلك، غالباً ما تُستخدم طريقة تقديم المفعول به كوسيلة لتحفيز التفكير والإبداع لدى القراء والمتلقين للوصول إلى فهم أعمق للأحداث وتجميع الأفكار المرتبطة بها. إنها ليست مجرد قاعدة نحوية بل أداة بلاغية تعكس حساسية المؤلف وفنه في استخدام اللغة لتوجيه الانتباه نحو نقاط مهمة داخل النص. بالتالي، تعتبر دراسة وتطبيق نظام تقديم المفعول به قبل الفاعل مهارة ضرورية لكل من يريد تحسين طلاقة لغتهم العربية وتعزيز قدرتها على نقل الرسائل الدقيقة والمعبرة.