ولد إدريس بن يوسف بن عبد الله المعروف باسم "الإدريسي"، وهو أحد أهم العلماء العرب والمسلمين الذين أثروا مجال الجغرافيا عبر تاريخ الإسلام. نشأ الإدريسي في قرطبة بإسبانيا خلال فترة ازدهار الحضارة الإسلامية هناك. كان والداه من عائلة نبيلة وكانت لهم روابط وثيقة مع البلاط الملكي للحكم الموحدي.

تلقى تعليمه المبكر في المساجد والكُتّاب المحلية قبل ان ينضم إلى مدرسة الرشيدية الشهيرة التي أسسها أبو الحسن علي بن محمد الخزيمي الطبيب والمترجم الكبير. هنا اكتسب الإدريسي معرفته الواسعة بالرياضيات والفلك والطب بالإضافة طبعاً إلى دراسته للمعرفة الجغرافية.

بعد وفاة والديه، انتقل إلى شمال أفريقيا واستقر لفترة طويلة عند بلاط المنصور بن أبي عامر ملك زناتة بالمغرب الأقصى حيث وضع تحت تصرفاته خرائطه واسهاماته العلمية. حصل خلال هذه الفترة أيضا على دعم مالي كبير منه مما ساعد على إنتاج عمله الرئيسي وربما الأعظم: "نزهة المشتاق في اختراق الآفاق". هذا الكتاب الضخم عبارة عن موسوعة جيولوجية تضمن تفاصيل دقيقة حول العالم آنذاك بناءً على بحث مستمر وعلى خبرة شخصية مباشرة له.

توفي الإدريسي سنة 560 هـ/1165 م تاركا خلفه إرثا غنيا للجغرافيا لم يزل يحظى باحترام وتقدير حتى اليوم بين علماء هذا الفن. لقد شكلت نظرته التفصيلية وهندامه لرسم الأرض مساهمات هامة مستمرة في فهم البشر للعالم الذي نعيش فيه.