استقر الفينيقيون منذ أكثر من ثلاثة آلاف عام على طول سواحل شمال أفريقيا، وتركوا بصمة واضحة لا تزال باقية حتى يومنا هذا في التاريخ والثقافة الجزائريتين. يعود ظهور هذه الحضارة العريقة إلى القرن الثاني عشر قبل الميلاد عندما بدأ التجار والفنيين الفينيقيون استيطان ساحل البحر الأبيض المتوسط، مستغلّين موقعه الاستراتيجي بين الشرق والغرب لتسهيل التجارة العالمية وتبادل الأفكار والمعرفة.
انتشرت المستوطنات الفينيقية في الجزائر، خاصةً حول مدينة قسنطينة القديمة (حيربا) التي كانت مركزاً تجارياً وثقافياً هاماً. ازدهر النشاط الاقتصادي والتجاري في المنطقة بفضل غنى أرضها ومنتوجاتها الطبيعية المختلفة كالنبيذ والأخشاب والصوف والمواد الخام الأخرى. كما برزت مهارات الفينيقيين في بناء القوارب وصناعة الزجاج والنسيج والعمل المعدني، مما عزز مكانتها التجارية وأثر بشكل كبير على المجتمع المحلي.
بالإضافة لذلك، ترك الفينيقيون آثاراً ثقافية بارزة تتجلّى في لغتهم الخاصة "الفنقي" والتي ما زالت بعض عناصرها موجودة في اللهجة البربرية المحلية. كذلك أثروا الفن الجزائري القديم بنحتهم لتماثيل معقدة وزخارف زاهية الجمال تُظهر تأثيرات مصرية وفارسية. علاوة على ذلك، حملت رسائل فكرية وروحية عبر عبادة الإله موت وتأثير ديانات شرق البحر الأبيض المتوسط.
مع مرور الوقت، اندمج الشعب الليبو الكنعاني - وهو مزيج السكان الأصليين والفينيقيين الذين عاشوا جنباً إلى جنب- لينتج عنه خليط عرقي جديد شكل نواة الشعب القرطاجي فيما بعد والذي سيُحدث ثورة أخرى في تاريخ منطقة المغرب العربي الكبير. وقدمت قرطاجة جزائر اليوم للمعمودية المسيحية وشهدتها كتبتها الأولى باللغة العربية والإسلام لاحقا كمذهب رسمي للدولة الإسلامية الحديثة هناك. إن الفترة الطويلة للاستيطان الفينيقي قد ترسبت لعلاقات متداخلة ومتنوعة ما بين الثقافتين العربية الأصلية والحضارت الغربية المنفتحة أمام الحدود الجديدة لكل ثقافه عالميه محتملة جديدة حينئذٍ . وبذلك يظل إرث أول سكان مدن بلاد الشام تلك حاضرا باستمرار وفي كل مكان أصبح فيه أبناء جلدته مواطنين الآن سواء داخل دولة تونس حاليا ام خارج حدود الوطن الأم نحو الجوار المغربي والسودان وغيرهما الكثير ممن يشتركون جميعا بفكرة الانحدار الواحد لبشره مهدد بالتلاشي إذا لم يتم التعرف علي أسس هويته البدائية المبنية أساسيات حياته المشتركة مجتمع داخليا وخارجيا أيضا بما يناسب عصرنة التطور الإنساني الحديث لكن بدون تغيير الهيكل الاجتماعي العام لهويتها الاجتماعية الوطنية ومحاولة إعادة تدوير طاقاته البشرية الداخليه لإنتاج نماذج تطوير حديث لهذه الدولة محليا وعضو فعال ضمن منظومة دول العالم الخارجيه ذات الاثر الثقافي العالمي الواضح للشعب نفسه عما دخل عليه من تغييرات خارجية لصالح نهضة شعب واحد فقط وليس لأغراض توسيع نفوذ قوة اقتصاديه اخرى مثل الدول الأوروبية مثلاً! وهذه نقطة جوهرية يجب الاعتراف بها دائما وحفظ خصوصيتها قدر الطاقة كي تبقى هويتنا رصيدا وطنياً راسخ الثبات رغم كل الصدمات البيئية السياسية المؤقتة الموجعة للفرد والجماعة. إنه حقائق التاريخ لا يمكن نكرانها بتاتا وستظل ضمن ذاكرتنا الجمعية للأجيال القادمة أيضًا إن شاءالله تعالى ...والحمد لله رب العالمين.