مقارنة شاملة بين سد النهضة وسد أسوان: دراسة متعمقة للخصائص الفنية والآثار الاقتصادية

التعليقات · 0 مشاهدات

تعدّ كلٌّ من مشروعات سدين عملاقين هما "سد النهضة" و"سد أسوان"، نقطتي تحول رئيسيتين في تاريخ الطاقة الكهرومائية والإدارة المستدامة للمياه في القرن الحا

تعدّ كلٌّ من مشروعات سدين عملاقين هما "سد النهضة" و"سد أسوان"، نقطتي تحول رئيسيتين في تاريخ الطاقة الكهرومائية والإدارة المستدامة للمياه في القرن الحادي والعشرين. يقع سد النهضة الإثيوبي على النيل الأزرق قرب الحدود السودانية، بينما يقف سد أسوان المصري كرمز للتقدم الهندسي وتطور مصر الحديث منذ ستينات القرن الماضي. هذه الدراسة المقارنة تستعرض الخصائص التقنية الرئيسية لكلا المشروعين وآثارهما الاقتصادية والبيئية واسعة المدى.

من الناحية التصميمية والفنية، يعدّ كلا السدين مثالاً بارزاً للعظمة الهندسية والتخطيط الاستراتيجي لمواجهة تحديات المياه المتزايدة حول العالم. إذ يناهز طول جسم سد النهضة حوالي 1780 مترًا وعرضه أكثر من 3,600 متر؛ مما مكّنه من خلق بحيرة هائلة تسمى بحيرة تانا التي تتسع لأكثر من 24 مليار م³ من المياه. وعلى نحو مشابه، يتميز سد أسوان بطوله البالغ حوالى 3,955 متراً وعرض قاعدته الواصل إلى 980 مترا تقريباً; ما يؤدي بدوره لتكوين خزان طهطا الضخم والذي يحتوي على مساحة تخزين مياه تبلغ حوالي 157 مليار م³ عند اكتمالها بالكامل. تبدو الاختلافات واضحة عندما نتحدث عن القدرات الكهربائية المنتجة لكل منهما، فبينما يصل القدرة القصوى لـ سد نهضة إلى حوالي ٦٤٥٠ ميجاوات، فإن إجمالي إنتاج الطاقة لسدود أسوان الثلاثة مجتمعة يعادل ١٢٨٨٠ ميجاوات. وهذه التفاصيل تؤكد التفوق التدريجي للمشروع الأخير مقارنة بسابقيه.

على الرغم من كون الجانب البيئي محور اهتمام عالمي اليوم ، إلا أنه لا يمكن تجاهل التأثير الاجتماعي والاقتصادي لهذين المشروعين الضخمين. بالنسبة لسد نهضة، فقد طرح العديد من القضايا المثيرة للجدل خاصة فيما يتعلق بمشاركة الدول الأخرى مثل مصر والسودان التي تعتمد بشكل كبير على نهر النيل للأستخدامات الزراعية والشرب والصناعة وغيرها . وبالتالي فإن إدارة تدفق المياه قد أثارت مخاوف بشأن الأمن الغذائي وموارد البلاد الحيوية خلال فترات الجفاف والجفاف الشديد. أما فيما خصّ تأثيرات تطوير سد أسوان - سواء كان ذلك أثناء فترة تشغيل المحطة الأولى عام ٢٩١٩ ثم توسيع قدرتها لاحقاً عام ۱۹۶۴— فقد نجحت الحكومة المصرية آنذاك باستعادة مليون فدان كانت سابقا تحت سطح الماء وتم تصريفها بعد انتهاء مرحلة الفيضان السنوي للنهر؛ وذلك عبر مشروع الري العملاق المعروف باسم 'الأراضي الجديدة'. كما أدى إنشاء الخزان الصغير خلف جدرانه لحماية المدن التاريخية والحفاظ عليها ضد احتمالات الغرق بسبب ارتفاع مستويات البحيرة الأمامية. وفي السياقات الحديثة أيضًا ، تساهم محطاته الثلاث حالياً بنسبة كبيرة جداً من احتياجات الدولة من كهرباء الشبكة الوطنية ؛ وهو الأمر الذي يساهم بلا شك في تنمية المجتمعات المحلية المحيطة بها وإحداث تغييرات اقتصادية واجتماعية ذات تأثير مباشر وفوري فيها.

وفي النهاية ، تبقى عملية الموازنة الدقيقة بين الجدوى الاقتصادية والاستدامة البيئية جانب أساسياً عند النظر بتمعن لهذه النوعية من الأعمال الرائدة والتي تمتلك آثاراً أوسع نطاقاً بكثير خارج حدود الدول المضيفة لها مباشرة . لذلك ، فلابد لنا جميعا كمراقبين ومتابعين ان نحترم الرؤى المختلفة ونعمل سوياً لتحقيق حلول مبتكرة تعكس الحرص الحقيقي علي مصالح الجميع وتعزيز حق شعوب المنطقة كافة بالسلم والأمان والازدهار المشترك ضمن إطار قانوني ثابت وشامل وفق المعاهدات الدولية الملزمة بذلك . فعلى سبيل المثال الأحمر لمنطقة الشرق الأوسط وخليج عدن ، تم توقيع اتفاقيتي السلام مع إسرائيل لإيجاد منطقة آمنة ومنسجمة سياسيا واقتصاديا وما زالت جهود أخرى قائمة حتى يومنا هذا للمضي قدماً نحو سلام دائم واستقرار شامل يستوعب ويتماشى تمام المطابقة للقانون الدولي وأحكام الشرعية العربية والعالمية أيضا...

التعليقات