تعد فكرة "العقد الاجتماعي" إحدى النظريات الفلسفية الرئيسية التي ساهمت بشكل كبير في تشكيل فهمنا حول نشأة وتطور الدول الحديثة. هذه النظرية، التي طرحها العديد من المفكرين مثل توماس هوبز وجون لوك وجان جاك روسو، تستحضر فكرة اتفاق ضمني بين أفراد المجتمع لتكوين حكومة مركزية مقابل الحفاظ على السلام والنظام والأمن.
في ظل نظرية العقد الاجتماعي، يتم اعتبار المواطنات والمواطنين كأعضاء متساوين في العقد، مع الحقوق والالتزامات المشتركة بموجب القانون العام. هذا يعني أنه بينما يخضع الأفراد لحكم السلطة السياسية، فإن تلك الحكومة نفسها تتلقى شرعية وجودها من موافقة الشعب عليها. وبالتالي، يصبح الدور الرئيسي للحكومة هو خدمة مصالح مواطنيها وضمان حقوق الإنسان والحريات العامة.
إن جذور نظرية العقد الاجتماعي ترجع إلى الثورة العلمانية والفلسفية التي حدثت خلال القرن الـ17 والثامن عشر. لقد استندت هذه الفكرة إلى الاعتقاد بأن الناس كانوا أحراراً بطبيعتهم قبل إنشاء الحكومات وأنه فقط عندما اختاروا خلق سلطة مركزية فقد تنازلوا بعضاً من سلطتهم الشخصية لصالح قوة أعلى مشتركة - وهو ما يمكن اعتباره أول شكل للخضوع الطوعي للقانون.
ومن أشهر الأمثلة على تأثير نظريات العقد الاجتماعي في تاريخ السياسة الحديث هي إعلان الاستقلال الأمريكي عام 1776، والذي اعترف بحق الشعوب المتمردة ضد الإمبراطوريات القديمة في تقرير المصير وإنشاء حكوماتها الخاصة بناءً على مبادئ الحكم الذاتي والتوافق الحر للأفراد داخل مجتمع سياسي واحد.
بشكل عام، كانت نظريات العقد الاجتماعي مهمة جدا لفهم كيفية تحويل البشر لأشكال متنوعة من المؤسسات الاجتماعية والسياسية المتعددة الأبعاد والتي نعرفها اليوم باسم الدول القومية. إنها تعمل كمصدر إلهام مستمر للمناقشات حول طبيعة الديمقراطية وحماية الحقوق المدنية واستخدام السلطة من قبل الدولة تجاه شعبها.