تُعدّ الديناميكا الحرارية فرعاً هاماً من الفيزياء المعنية بدراسة العلاقات بين الطاقة والحرارة والمادة، مع التركيز بشكل خاص على كيفية تحويل الطاقة من شكل إلى آخر وعواقب تلك العمليات. تعتمد هذه النظرية العلمية على مجموعة من القوانين التي تعكس طبيعة العالم الطبيعي وتساعدنا على فهم الظواهر المتعلقة بالحرارة والتغير الحراري للمواد المختلفة. وفي هذا المقال، سنستعرض التعريف العام لهذه العلوم ونوضح بعض المفاهيم الأساسية المرتبطة بها.
تشير كلمة "ديناميكا" إلى حركة الأشياء وكيف يمكن تحريكها أو تغيير حالتها، بينما تشير "الحرارية" إلى دراسة الحرارة وخصائصها. وبالتالي، فإن الديناميكا الحرارية هي دراسة كيفية تأثير الحركة والحرارة على المواد والأجسام وما يترتب عليها من تغييرات في حالات الطاقة. يتم تنظيم ديناميكيات الحرارة وفق قوانين أساسية ثلاثة وهي قانون حفظ الطاقة، وقانون درجة حرارة النظام المثالي، وقانون الانتروبيا.
القانون الأول للديناميكا الحرارية، وهو ما يعرف أيضاً بمبدأ حفظ الطاقة، ينص على أنه لا يمكن خلق أو تدمير الطاقة ولكن يمكن فقط تحويلها من شكل لآخر. فمثلاً، عند احتراق الوقود مثل الغاز الطبيعي، تتحول طاقة الوضع الكيميائية فيه إلى طاقة حرارية وضوئية وميكانيكية. وهذا القانون له أهميته الواضحة في الهندسة والاستخدامات العملية للطاقة.
أما القانون الثاني فهو أكثر تعقيداً ويتعلق بالانتروبيا - وهي مقياس الفوضى داخل نظام ما. يقضي هذا القانون بأن كل الأنظمة تتجه نحو حالة الأكثر انخفاضاً في الانتروبيا خلال العمليات الطبيعية. بمعنى آخر، جميع النظم سوف تسعى لإيجاد حالة توازن أقل اضطراب ممكنة لها بإعطاء أولوية لتدفق الحرارة باتجاه المناطق ذات درجات حرارة أعلى حتى تصبح متجانسة تماماً. يُعتبر ذلك أحد الداعمين الأساسيين لفكرة زيادة عدم التنظيم مع مرور الوقت بسبب ظاهرة الاحتكاك وغيرها من الآثار الجانبية الأخرى التي تكلف عادة بحرق جزءٍ كبيرٍ جداً من الطاقات المنبعثة أثناء عمليات التحويل مما يؤدي لنقص الكفاءة المستعملة منها فعليا - والذي يعرف بنسبة كارنو -.
يلعب الاختلاف الكبير بين كلا القانونين دوراً أساسياً فيما يسمى بالتفاعلات ذات الاتجاه الواحد والتي تضمنت فقدان غير قابل للاستعادة لطاقة مفيدة ناتجة ضمن نظم مختومة مغلقة نفسها ولا تسمح بتدخل الخارجي فيها مباشرة إلا عبر وسائل خاصة ومنظمة بصورة محكمة للغاية كما يحدث مثلاً بمولدات الكهربائية الحديثة. يستغل الإنسان باستمرار خواص هذين القانونين لتحقيق مكاسب عملية مختلفة سواء كانت متعلقة بطرق توليد واستخراج موارد طاقة جديدة وإنتاج منتوجات مصاحبة ذو قيمة اقتصادية عالية كالبترول والنفايات الصناعية بالإضافة لمختلف أنواع المحركات الداخليه والشحنات الكهرومغناطيسيه وكذلك العديد من التقنيات الرقميه المستخدمة حاليا بكثرة مثل الذاكره الثابته الثنائيه الشهيرة والمعروفة باسم "RAM". تُظهر الديناميكا الحرارية بذلك مدى ارتباطها الوثيق بثورة التصنيع والعصر الحديث عموما إذ بدون وجود اسس علميه سليمه تستند إليها ستكون هناك مشكلات كبيرة في تطوير تقنيات مبتكرة مستقبلية مهمتها الرئيسيّة رفع معدلات الإنتاج والإستهلاك العالمي للأشخاص حول العالم دون المساس بجوداتها وسلالاتها الطبيعية المنتشر استخدامها داخلهم خارجيًا أيضًا!
بهذه المقدمة البسيطة نحاول تقديم تعريف موجز لديناميكيات الحرارة وطابعيتها المفيدة للغاية بفهم ومعرفة أكثر عمقا لما يدور بنا وبما حولنا بشكل عام. لقد أثرت آثار قوانين الديناميكا الحرارية في كثير من مجالات الحياة اليومية بما يشمل جوانب حياتية متنوعة تبدأ بالأجهزة المنزلية الصغيرة وانتهاء بالمرافق العملاقة الضخمة المؤثرة عالمياً مثل شبكات نقل المياه والصرف الصحّي العموميتان.. إنها حقا واحدةٌ من أغنى علوم القرن الماضي تأثيراً وحضورا ملفتا!