يعدّ كلٌّ من التشبيه والاستعارة أدوات بلاغية رئيسية يستخدمها الأدباء والشعراء لجعل لغتهم أكثر إثارة وجاذبية. وعلى الرغم من وجود العديد من النقاط المشتركة بينهما، إلا أنهما يختلفان بشكل ملحوظ فيما يتعلق بطريقة عملهما وهدفيهما الفنية. سنستعرض هنا تفاصيل هذه الاختلافات لتوضيح جوهر كل منهما.
في أساس الأمور، الهدف الرئيسي لكلٍّ من التشبيه والاستعارة هو إجراء مقارنة بين شيئين غير متشابهين عادةً لتحقيق فائدة فنية أو تعبيرية محددة. ومع ذلك، فإن طريقة تحقيق هذا الهدف هي التي تميز بين الاثنين.
التشبيه هو عبارة مباشرة تقارن فيها شيئين باستخدام "مثل" أو "كما". قد تبدو بسيطة ولكنها فعالة للغاية في نقل الأفكار والمعاني المعقدة إلى المتلقي. إليك مثال كلاسيكي لاستخدام التشبيه كما استخدمه الشاعر العربي القديم امرؤ القيس بن حجر: "أَشِيبُ الرَّأسِ مِنَ الخوفِ مُرْتَعِدُ / كالغَرْبَلِ المُخْلَبِ لا يَمْلَكُ نَفْسَه"، حيث يقارن حالة الرجل المسن الجبان بجرم الغربلة المخلة بالسكينة والثبات.
على الجانب الآخر، الاستعارة هي نوع من المقارنة الضمنية حيث يتم تجاوز استخدام "مثل" أو "كما". بدلاً من ذلك، يُستخدم جزء واحد فقط من الشيء لإظهار خصائص أخرى مرتبطة به في سياق مختلف. لننظر إلى بيت شعر شهير للشاعر المصري حافظ إبراهيم: "يا غزالا ساد الفضاء بحسن صورته/ فأنت الحبيب وأنت الدهر وأنت الحياة". هنا، تُقدم الحيوانات البرية - الغزال - كنقطة مرجعية لتوصيف الحب والحياة نفسها بناءً على حسن صورة الغزال وساحته الواسعة؛ مما يعطي وصفاً مجازياً للحياة والعاطفة الإنسانية.
وبينما يوضح التشبيه الظواهر بمجرد الإشارة إليها، يعمل الاستعارة على تكثيف التجربة العاطفية واستخراج معنى أعمق وتعبيره عبر مفرداته الخاصة. إنهما مهاران قويان يؤلفانهما الفنانون بكفاءة عالية لتحريك مشاعر المستمع وتعزيز الوصف الكتابي والإدراك العام للتجربة البشرية. وهكذا، برغم تشابحهما في الأهداف العامة، تعددت طرق تقديمهما والتأكيد عليهما اختلافيهما البارزتين داخل الآفاق الشعرية العربية وغير العربية أيضًا عبر التاريخ والأجيال المختلفة.