تأثيرات الزئبق البيئية والصحة العامة المرتبطة بتعدين الذهب: دراسة شاملة

التعليقات · 0 مشاهدات

على مر التاريخ، لعب الذهب دورًا محوريًا في الاقتصاد العالمي والثروة الشخصية. ومع ذلك، فقد جاء هذا الثراء غالبًا بتكلفة بيئية واجتماعية كبيرة نتيجة لعم

على مر التاريخ، لعب الذهب دورًا محوريًا في الاقتصاد العالمي والثروة الشخصية. ومع ذلك، فقد جاء هذا الثراء غالبًا بتكلفة بيئية واجتماعية كبيرة نتيجة لعمليات التعدين التقليدية التي تعتمد على مخاطر صحية خطيرة تتمثل في العنصر الثقيل المعروف باسم "الزئبق".

في القرون الوسطى، وخاصة خلال فترة الاحتلال الروماني، أصبح الزئبق جزءًا أساسيًا من تقنيات استخلاص الذهب. وذلك بسبب قدرته الفريدة على إذابة الذهب بينما يغفل الشوائب الأخرى مثل الكبريت والمواد الطينية المختلفة. كانت العملية بسيطة نسبيًا: خلط كميات متساوية من الذهب والشوائب مع الزئبق لتكوين ملاط ذهبي خصيب يمكن تصفيته بدقة باستخدام آلات يدوية. بمجرد فصل الذهب، كان الزئبق يستعيد شكل الغاز الطبيعي الخاص به - وهو بخار سام للغاية - والذي إما هرب عبر الهواء أو اختلط بنفايات المنجم للاستقرار في المياه القريبة.

ومع مرور الزمن، أدى الاعتماد المستمر على الزئبق لاستخلاص الذهب إلى مشاكل بيئية هائلة، خاصة فيما يتعلق بالتلوث الحيواني والنباتي. وجدت الدراسات الحديثة مستوى مرتفعًا غير معتاد من وجود الزئبق داخل أنواع مختلفة من الأسماك في مناطق مثل مدينة سان فرانسيسكو الأمريكية؛ وهي آثار تعزى مباشرة لأعمال التعدين القديمة. حتى الآن، ورغم التحريم الرسمي لاستخدام الزئبق في عمليات التعدين، ما زالت هناك شبكات سرية تعمل تحت جنح الظلام تستخدم نفس التقنية الخطرة والتي تشكل تهديدًا كبيرًا لكلٍّ من الصحة البشرية والحياة البرية.

السؤال هنا ليس فقط حول كيفية التعامل مع المخلفات السامة ولماذا لم يتم اتخاذ إجراء فوري ضد تلك الممارسات الضارة منذ عقود مضت؟ بل كذلك كيف يؤدي استخدام الزئبق إلى تحويل معدن ثمين إلى خطر محتمل يصعب التصرف فيه بشكل آمن وكامل.

إن التأثير المباشر للزئبق على الذهب واضح بالفعل: فهو يكسر الرابط بين جسيماته المعدنية مما يخلق انفجارًا يشبه اللهب يعرف باسم عملية "الدمج"، ولكنه يحقق نجاح جزئي فقط نظرا لصعوبات طرح جميع شوائب الترسيب فعليا. وبينما يبدو الأمر مثاليًا بالنسبة للتطبيق العملي، إلا أنه عند النظر إليه من منظور علمي، فإن النتيجة ليست ذهب نقاء مطلق ولكن مجرد تطهير مؤقت للشوائب.

يعدّ الزئبق مثال بارز لعالم الكيمياء الرائع والمعقد نظرًا لما يتمتع به من مجموعة فريدة من الخصائص والاستخدامات الواسعة المدى:

  1. صفات مادية: يعد الزئبق سائل كثيف جدًا وشبيه بالفضة بدون لون أو رائحة مميزة عندما يكون حرًا ونقيًا. وقد تم اكتشاف قدرته الفريدة منذ القدم على خلق سبائك قيمة بمزيجه مع عناصر أخرى مثل الذهب والفضة والقصدير المستخدمة سابقًا في ملء الأسنان الصناعية قبل أن يتم تجنب هذه الممارسة لاحقًا للأسباب الصحية نفسها.
  1. دور كيميائي: حاليًا يستعمل كمادة محفزة رئيسية ضمن مجالات الصناعة الكيميائية المتنوعة بما فيها إنتاج الأدوية والأسمدة والعطور بالإضافة لإنتاج المبيدات الحشرية أيضًا. ربما اعتبرناه مرة واحدة مصدر طاقة موثوق بها لما لديه القدرة المؤثرة على تغيير حالة الماء من الحالة السائلة للجليد الصلب بسرعة مذهلة! إنه حقا يمثل قوة ودلالة مهمة للعلم الحديث وإنْ بشروط وضوابط محددة لتحاشي الآثار الجانبية المشينة لذلك العنصر الرقيق والسام جداً والفريد من نوعه عالميًا.

هذه ليست نهاية المطاف فيما يتعلق بصورة العلم المعاصر للإنسان تجاه فهمه للغبار الأحمر الذي يسكن عميقاً في قلب الأرض... إنها رحلة طويلة مليئة بالمخاطر والخيارات والإمكانيات الجديدة نحو حياة منظمة وآمنة وصحيّة لمن هم على وجه الكوكب الأخضر الكبير الذي نحبه جميعنا!

التعليقات