توفي مؤسس الجمهورية التركية الحديثة، مصطفى كمال أتاتورك، في العاشر من نوفمبر عام 1938. وقد عاش السنوات الأخيرة من حياته منعزلاً نسبياً عن الحياة العامة للشعب التركي، قضائها معظم الوقت في قصر دولماباهيس الشهير في إسطنبول. خلال تلك الفترة، بدأ صحته تتدهور بشكل ملحوظ بسبب إدمانه على الشراب وتعاطيه للخمر بكثافة. لم تتمكن التشخيص الطبي له حتى اكتشاف مرض تليف الكبد الخطير لاحقاً، مما أدى إلى وفاته المفاجئة حوالي الساعة الواحدة وخمس دقائق ظهراً.
احتفلت تركيا بجنازة رسمية ومؤثرة لأحد أهم شخصيات التاريخ الحديث فيها. نُقل الجثمان الطاهر من إسطنبول إلى العاصمة آنذاك، والتي عرفت الآن بأنقره، حيث يقع المرقد الخاص باتاتورك الحالي. بعد سنوات قليلة، تم إنشاء معهد تراثي باسم "حضرة أتاتورك"، وهو ليس فقط مسقط رأس الزعيم الوطني بل تحول أيضاً إلى متحف مخصص لتاريخ الرجل وعطاءاته الجبارة للأمة التركية.
ولد مصطفى كمالاتاتورك - المعروف أيضًا باسم أبو الأتراك - وسط عائلة متوسطة الدخل في مدينة سالونيكي اليونانية الحالية. رغم خلفية والدة ذات مستوى اجتماعي محدود نسبيًا، فقد سعى بشغف نحو التعليم والحصول على فرصة لتحقيق طموحاته. أكمل دراسته العسكرية وحصل على شهادة البكالوريوس سنة ١٨٩٩ ميلادية قبل الالتحاق بكلية الأركان العامة بالقسم الأعلى للعاملين المدنيين والإداريين. أثمرت جهوده ودوره المحوري في العديد من الإصلاحات الداخلية والخارجية للحكومة والجيش التركي حين ذاك عنه نظير احترام شعبه وتكريمه بأسمائه الجديدة المرتبطة بمكانته بين رفاقه وأبناء وطنه.
وعلى الرغم من الجدل المستمر حول سياساته وإرثه السياسي، فإن مكانة أتاتورك باعتباره رئيس جمهورية تركيا الأولى خلال عقدين من حكم البلاد منذ عشرينيات القرن الماضي حتى نهاية ثلاثينات نفس القرنيومثل نقطة محورية مهمة في تاريخ المنطقة والعالم الغربي عموما كتجربة فريدة للديمقراطية والاستقلال المبكرة لكل من أوروبا الشرقية وجنوب شرق آسيا. وفي سن الـ(٥٧) عاما، انتقلت روح الزعيم الروحي والأيديولوجي للأمة نحو الفردوس برفقه ذكرى أعمال حافلة بإعادة بناء الدولة الوطنية وتحويلها لقوة عالمية مؤثرة داخل حدودها وخارجها كذلك.