شجرة الدر، وهي عصمة الدين أم خليل، كانت جارية ذات مكانة مميزة لدى السلطان الصالح نجم الدين أيوب ابن الملك الكامل محمد بن العادل أبي بكر بن أيوب. هذا الرجل، والمعروف أيضًا باسم أبو الفتوح، يعدّ أحد أهم الشخصيات التاريخية في فترة حكمه بمصر. ورغم أنه تولى الحكم عام ١٢٣٨ ميلادي تقريبًا، إلا أنه ترك بصمةً واضحة عندما انتقلت السلطة لاحقًا إلى زوجته شجرة الدر.
كان الصالح أيوب شخصية مركزية ليس فقط بسبب موقعه كسلطان ولكن أيضًا لإدارته الفاعلة للدولة وقت المواجهة الرئيسية ضد جيوش الحملات الصليبية السابعة بقيادة الملك الفرنسي لويس التاسع. وعلى الرغم من وفاته أثناء الاحتلال الفرنجي لمدينة دمياط سنة 1249 م ، فقد ظلت إنجازاته حاضرة بقوة خلال تلك الفترة الحرجة.
بعد رحيله المفاجئ، تحملت شجرة الدر المسؤوليات الثقيلة للإدارة والتخطيط الاستراتيجي والدفاع عن البلاد بكل قدرة وشجاعة متميّزة . وقد أثبتت نفسها كقائدة فعالة حتى أنها توجّهت لتولي العرش مباشرة لمدة قصيرة قبل تتويج زوجها الثاني المعزَّIZZ Al-Malik Ala' al-Din Aybak - الذي أصبح فيما بعد معروفًا لدى المؤرخين باسم "Azizia".
على الرغم من قِصر مدة ولايتها القصيرة نسبيًا حوالي الثمانية أشهر ، فإن تأثيرها السياسي واضح جدًا ويعكس دور المرأة المخضرم السياسية آنذاك. ومع ذلك تبددت أحلام هذه المحاربة الصلبة حين انقلاب المعزَّ عليه واغتياله لها بدوره، ليتم دفن جثمانها بتلك البرودة والقسوة التي لا تطابق بشاعة الأحداث السياسية آنذاك. يبقى هذا الجانب المأساوي جزء مهم يسجل فيه اسم "شجرة الدر" ضمن قائمة النساء البطلات عبر الزمن العربي الإسلامي القديم.