- صاحب المنشور: صلاح الدين الدكالي
ملخص النقاش:
في الإسلام، التسامح الديني ليس مجرد مفهوم أخلاقي، بل هو جزء أساسي من الدين نفسه. القرآن الكريم يدعو إلى الحوار الصريح والصريح مع غير المسلمين ويؤكد على الاحترام الكامل لحرية الاعتقاد. يقول الله تعالى في سورة الكهف الآية 29: "ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة وما يختلفون". هذا يشير إلى قدرة الإنسان على الاختيار بين الحقائق المختلفة وتأكيد احترام تلك الاختيارات.
من وجهة النظر الإسلامية الحديثة، يمكن اعتبار التسامح الديني كوسيلة لتحقيق السلام العالمي والوئام المجتمعي. بينما قد يتفق المسلمون بالإجماع على العقيدة الأساسية للإسلام، فإنهم غالباً ما يختلفون فيما يتعلق بفروع الفقه والعادات الثقافية. وهذا التنوع يعكس قوة وقبول التعايش المتعدد الأديان داخل مجتمع واحد.
بناءً على هذه القيم، يستطيع العالم المسلم تقديم نموذج للتسامح الديني الذي يتميز بالاحترام والتواصل الفعال. يتعين علينا إعادة تفسير بعض العبارات التقليدية بطريقة أكثر انفتاحاً، مثل "أهل الكتاب"، التي تشمل اليهود والمسيحيين الذين يُعتبرون محترمين ومقبولين في المجتمع الإسلامي وفقا للشريعة.
بالإضافة إلى ذلك، هناك العديد من الأمثلة التاريخية للتعايش السلمي بين الأديان في الدول ذات الأغلبية المسلمة. فمثلاً، كانت مدينة قرطبة خلال القرن الثامن الميلادي موطنًا لأحد أعظم مراكز العلم والثقافة حيث عاش مسلمين ومسيحيين ويهود جنبا إلى جنب، كل منهم يحترم حرية الآخر ويتعلم منه.
لذا، عند الحديث عن التسامح الديني ضمن المنظور الإسلامي الحديث، نستطيع رؤية أنه ليس مجرد مطلب ديني ولكنه أيضًا ضرورة اجتماعية وثقافية تؤسس لبنية متينة من التفاهم والصداقة الدولية. يؤكد الإسلام على أهمية حوار القلب والعقل لإزالة سوء الفهم والخوف المرتبط بتنوع الاديان والثقافات. ومن خلال القيام بذلك، يمكننا بناء عالم أكثر تسامحاً واحتراماً ومتعة للعيش فيه الجميع بغض النظر عن خلفياتهم أو معتقداتهم الدينية.