كان السلطان محمد الثاني، المعروف بمحمد الفاتح، شخصية بارزة ومؤثرة في التاريخ العثماني. ولد في عام 1432 ميلاديّة، وكان الابن الثالث للسلطان مراد الثاني. منذ صغره، أثبت محمد مهارات قيادية استثنائية واهتماماً عميقاً بالتعليم، مما جعله مستعداً لتحقيق إنجازات عظيمة في المستقبل.
في سن مبكرة نسبياً، تولى محمد الحكم بعد وفاة أخيه الأكبر عبد العزيز عام 1446. ومع ذلك، لم يستمر حكمه طويلاً بسبب غزوة ضد الصرب تحت قيادة هونزي هالاسي، والتي أدت إلى سجنه. لكن هذا الحدث لم يثنِ عزيمته بل زادها قوة وإصراراً. عاد مرة أخرى للحكم عندما بلغ الثامنة عشر فقط، وذلك بعد سقوط والده أثناء حصار بودروم.
أحد أهم الإنجازات التي حققها محمد الفاتح كانت فتح مدينة القسطنطينية عام 1453. لقد كان هذا النصر علامة فارقة ليس فقط للدولة العثمانية ولكن أيضاً للتاريخ العالمي ككل. قبل الفتح، كانت المدينة محاصرة لأكثر من خمسين يومًا وسط مقاومة شرسة من القوات البيزنطية المحلية والقوات المسيحية الأخرى. رغم ذلك، تمكن الجيش العثماني بقيادة محمد الفاتح من اختراق أسوار القسطنطينية باستخدام تقنية جديدة وابتكارية هي المدفع الثقيل "ديودانا".
بعد هذا الانتصار الكبير، أصبح اسم محمد الفاتح رمزاً للقوة والحكمة والحزم. كما عمل على تعزيز الروح الوطنية والدين الإسلامي بين رعاياه، بالإضافة إلى توسيع حدود الإمبراطورية العثمانية نحو الشرق الأوسط وجنوب شرق أوروبا.
بالإضافة لذلك، اهتم محمد الفاتح بتعزيز التعليم والثقافة داخل الدول الإسلامية آنذاك. أسس العديد من المدارس والمكتبات العامة الجميلة والمعروفة باسم "مدارس سلطانية"، منها مدرسة الفاتح الشهيرة والتي ما زالت قائمة حتى الآن كموقع تاريخي مهم للغاية داخل إسطنبول الحديثة.
بشكل عام، تركت فترة حكم محمد الفاتح بصمة واضحة وحاسمة في التاريخ الأوروبي والأورآسيوي بشكل خاص وفي العالم بشكل عام عبر مساهماته العسكرية والتجارية والفكرية المُثرِفة. إن ذكرى دوره البطولي وتأثيره الدائم تؤكد مكانته بين أكثر الشخصيات تأثيراً ورُوِيَةً في التاريخ الإنساني بكل رحابه وتنوعه الغنيّ.