العبقرية المتألقة: رحلة ميخائيل نعيمة من الشرق إلى الغرب عبر آفاق الأدب والثقافة

ميخائيل نعيمة ليس مجرد كاتب لبناني حاز على شهرة واسعة بفضل مواهبه الأدبية الاستثنائية، ولكنه أيضًا مفكر عميق اغترب لكنه ظل مرتبطًا بجذوره العريقة في ث

ميخائيل نعيمة ليس مجرد كاتب لبناني حاز على شهرة واسعة بفضل مواهبه الأدبية الاستثنائية، ولكنه أيضًا مفكر عميق اغترب لكنه ظل مرتبطًا بجذوره العريقة في ثقافته الأصلية. هذا الرجل الفذ، المعروف باسم "ناسك الشخروب"، أثبت نفسه كشخصية بارزة في حركة النهضة الثقافية والفكرية في القرن العشرين.

ولد نعيمة يوم 17 أكتوبر/تشرين الأول سنة ١٨٨٩ ميلادية بمدينة بشري الواقعة ضمن سلسلة جبال لبنان الشمالية المطلة عليها بحيرة بحيرة قرطبا الشهيرة بتنوع تضاريسها الخلّابة. التحق بالمدرسة المحلية قبل سفره للدراسات الأكاديمية خارج وطنه الأم مما أهلّه للحصول شهادة جامعية بكلية الحقوق جامعة ميشيغان الولائية الأمريكية. أثناء وجوده هناك انضم لأحد نوادي أدباء المهجر آنذاك والذي أصبح فيما بعد نواة لتأسيس اتحاد الأدباء العرب المقيمين بالأراضي الجديدة. كانت فترة ابتعاثيه فرصة سانحة لإتقان لغتيْ روسيا وإنجلترا مادياً ومعنوياً وعلى يد نخبة من الباحثين والمفكرين حين ذاك.

تشكل مسيرته الحياتية المضفرة بين محيطين مختلفين دافع رئيسي وراء تألق أسلوبه الخاص ذو طابع بسيط وصريح يخلو مميزات الخطابة المرتجلة والمعقدة عكس نظرائه ممن كتبوا بالعربي وقتها. فضلاً عمّا سبقت الإشارة إليه فإن روح التأمل والاسترسال بخيال المرء وسط هدوء الطبيعة قد تركت بصمة واضحة للغاية بغالب مخطوطاته المنتشرة منذ نشره أول أعمال روائية تحت اسم 'كان يا مكان' حتى آخر إنتاج أدبي وهو 'زياد الميعاد'. وقد تمت طباعة معظم مؤلفاته التسعة عشر مجموعتان مختارات شعر ونثر كنصب تذكاري لعظمة عطائه للإنسانية كلها وليست خاص لأهل أرضه وحدهم فقط.

ومن اللافت للنظر تناوله لقضايا المجتمع المختلفة مثل فرديته مقابل جماعيته أو دينامية المشاعر الداخلية للأفراد تجاه الآخرين بما يعبر عنها كتاباه : همسات الجفون وسماعة الصوت العالمي والتي حققت نجاح باهر لدى الجمهور الناطق بالإنجليزية أيضاً نظرًا لقدرتها الدرامية والحوارية المبهرة للسرد القصصي بشكل عام. وبذلك تكون تجربة صاحب قلم الثورة المستمرة غير مستبعدة بأن تستمر بإلهامه رغم مرور عقود منذ رحيله ولكن لنفس القدر سيظل ذكر نور عبقريته مشرقا دومًا.


عاشق العلم

18896 مدونة المشاركات

التعليقات