كان عالم الحديث والدين الشهير محمد بن سيرين رحمه الله معروفًا ليس فقط بفقهه الواسع ولكن أيضًا بقدرته الاستثنائية على فهم ودراسة معنى وتفسير الأحلام والمعاني الخفية خلفها. وبفضل خلفيته الغنية ومعرفته الدينية، ترك لنا إرثًا قيمًا فيما يتعلق برؤى الأحلام وخيارات تفسيره لها. يركز عمله "تفسير الرؤيا" بشكل خاص على أساليب متابعة وفهم هذه التجارب الروحية المعقدة بطريقة شاملة.
تناول ابن سيرين هذا الموضوع بكثير من العمق والحساسية، حيث يقسم رؤا الرؤيا إلى نوعين رئيسيين حسب طبيعتها وصورتها الظاهرة أثناء النوم: النوع الأول يشمل تلك الرؤى الأكثر مباشرة والضوء التي تشبه تنبيهات واضحة يمكن الاعتراف بها وتحليلها دون تدخل خارجي كبير. هنا يكشف عن حكماته التي غالبًا ما تكون مرتبطة بالأحداث المحلية اليومية للمشاهد مما يعكس الواقع الاجتماعي والقيمي لعصر مؤلف العمل.
أما بالنسبة للنواع الثاني فهو أبعد من مجرد تمثيل مباشر للأحداث الأرضية. بدلاً من ذلك، فهي تمثل دلالات رمزية وغالبًا ما تستند إلى عناصر الطبيعة مثل الأشجار والبحيرات والنيران الشمس وغيرها الكثير. يؤكد ابن سيرين أن التأويل هنا يتطلب فهماً أدق لأنفس البشر وظروف حياتهم الشخصية بالإضافة إلى ذكائه الخاص وشخصيته النقية. وعلى الرغم من وجود جوانب مختلفة لتلك التفسيرات الأخلاقية منها والمثمرة منها الا ان هدف كل منهما واحد : خدمة الإنسانية والإرشاد نحو طريق الحياة المستقيم وفق رؤية القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة .
ترك ابن سيرين العديد من الأعمال الأخرى ذات العلاقة بما في ذلك "الإشارة في علم العبارة"، والذي يعد جزءا أساسيا ضمن تراث التعامل مع فنون تأويل الاحلام عبر التاريخ الإسلامي القديم ، فضلا عن موسوعتين أخرتين هما :" منتخبات كلام النبي محمد صلى الله عليه وسلم حول تفسير الاحلام". توضح هاتان الموسوعتان مدى شمول واسع معرفة صاحب الترجمة المتعلقة بهذا المضمار العلمي الهامة جدا آنذاك ولم تغب أهميتها حتى الآن وذلك بسبب قدرتها الثابتة علي تقديم نظريات مبنية وفق ثقافة المجتمع العربي الاسلامي داخل نطاق زمان مختلف تمام الاختلاف سرمديًا وفي نفس الوقت تبقى قابلة للتطبيق والاستعمال الحالي أيضًا.
تجدر الإشارة أخيرا الي أن بعض كتب مترجم احلام قاموا بسرد رواة عدة للقصة نفسها إلا أنه تبقى دائما هناك رابط تاريخي وثيق بين عمل شخصيات بارزة خلال فترات زمنيه محددتين وما بعدهما كذلك الأمر ينطبق ici بصورة مطابقة لما ورد اعلاه بشان طريقة تطبيق فلسفة وانموذج حياة شخصية مميزة كموضوع دراستنا هنا : الشيخ المفسر والفاهم لأشد الأمور غموضا...العالم الرباني المعروف بابن سيروبن!