على الرغم من كونها جزءاً أساسياً من المجتمعات الإسلامية، فإن ظاهرة الطلاق تعد من القضايا الاجتماعية الحساسة التي تشهد ارتفاعا ملحوظا في العديد من الدول العربية، بما فيها الجزائر. هذه الظاهرة ليست مجرد إحصائية، بل هي انعكاس لتهميش اجتماعي ونفسي يعاني منه الأفراد والأسر. يهدف هذا البحث إلى تحليل الأسباب الرئيسية خلف زيادة حالات الطلاق في الجزائر، مستعرضاً الجوانب النفسية والاجتماعية لهذه القضية المعقدة.
يُعتبر الفقر أحد العوامل الضارة التي تساهم بشكل كبير في تفاقم مشاكل الزواج وتؤدي إلى الطلاق. وفقاً لدراسة أجرتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) عام 2019، تعاني حوالي 54% من الأسر الجزائرية من فقر مدقع. يعيش هؤلاء الأزواج تحت ضغط مالي يومي، مما قد يؤدي إلى التوتر والصراع داخل الأسرة ويضع عبئا كبيراً على العلاقات الزوجية. يساهم الافتقار للموارد المالية أيضا في قلة الفرص التعليمية والتدريبية للأجيال الجديدة، وبالتالي، في سوء فهم الأدوار والمواقف المتوقعة في الحياة الزوجية.
كما تلعب الثقافة والدين دوراً هاماً فيما يتعلق بموضوع الطلاق. في الإسلام، يتم التشديد دائما على أهمية الاستقرار الأسري والحفاظ عليه كأولوية قصوى قبل التفكير في الانفصال. ومع ذلك، فقد أدت بعض التصورات الخاطئة حول حقوق المرأة ودورها ضمن المجتمع التقليدي إلى شعور بالاستياء لدى الكثير من النساء المطلقات. بالإضافة إلى ذلك، غالباً ما تؤثر المفاهيم المتعلقة بالعادات والقيم المحلية سلبياً على قدرة الأزواج على التعامل مع المشكلات اليومية وحل النزاعات بطرق صحية ومثمرة.
وفي المقابل، يمكن لعوامل أخرى مثل العنوسة وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي دور مهم أيضاً في التأثير على نسبة الطلاق. فعلى سبيل المثال، توفر مواقع الإنترنت ومنصات التواصل فرصة كبيرة لإقامة علاقات خارج نطاق الزواج الرسمي، مما يمكن أن ينتهي بانخراط أحد الشريكين بشخص آخر غير شريك حياته الشرعي. علاوة على ذلك، تواجه السيدات اللائي تتخطى أعمارهن سن الثلاثين -والمعروفات باسم "العوانس"- تحديات خاصة أثناء سعيهن للحصول على زوج مناسب والذي يقبل بداية حياة جديدة برفقتهن بعد بلوغهن مرحلة متقدمة نسبيًّا مقارنة بتلك التي تبدأ بها معظم الفتيات زواجهن. كل تلك العوامل مجتمعة تعمل كمسبب رئيسي لارتفاع نسب الطلاق في المجتمع الجزائري الحديث.
ومن منظور نفسي واجتماعي أكثر عمقا، يلعب عدم وجود الدعم المناسب سواء كان فرديًا أم مؤسساتيًا دورًا حاسمًا أيضًا. فتوفير الخدمات الاستشارية المتاحة لكلتا الجنسين قد يساعد كثيرا في منع الطلاق عبر تقديم حلول مبتكرة لمشاكل مختلفة تربك حياتهما اليومية. كذلك تشجيع المؤسسات الحكومية وغير الربحية على تبني سياساتها الخاصة بدعم الاستقرار الاسري وتحسين بيئات العمل للعائلات سيساعد بلا شكٍّ في تقليل مستوى الصدمات الاقتصادية والاجتماعية المؤدية للإنفصال بين مختلف الفئات العمرية والجنسية للجنسية. وأخيراً وليس آخراً، يبقى الحل النهائي يكمن بالإصلاح الداخلي للشباب المقبلون علي الخطبة وزواج وتعليمهم طرق إدارة خلافاتهُم بصورة بناءة ومستدامة وذلك عبر تنفيذ برامج تأهيليه شاملة تغطي جميع جوانب الحياة الزوجيه .
ختاما ، يبدو واضحا بأن قضية الطلاق تحتاج لتضافر جهود الجميع ابتداء بحكومتنا العزيزة مرورَا بالمراكز العلميه حتى الوصول لأهل البيت المواطنين لأن الأمر يعد خطيئة أخلاقيه واضحه الوصف تجاه استقرار الأسره المكونه لبنية الدوله ذاتها والتي تعتبر قاعدة أساسية لسعادة مواطنيها واستقرار امنياتهم المستقبليه بإذن الله تعالى