ولد الشيخ محمد الطاهر بن عاشور عام 1879 ميلادي في مدينة قفصة الواقعة جنوب غرب تونس. كان ابن عالم دين بارز وهو الشيخ عبد الله بن سعد الله بن عاشور، مما ساهم بشكل كبير في تشكيل بيئة تعليمية غنية منذ بداية حياته. نشأ بين أسرة متدينة ومتعلقة بشدة بالعلم الشرعي والفقه الإسلامي.
بدأ دراسته الابتدائية والإعدادية داخل مسقط رأسه قبل الانتقال إلى العاصمة لتواصل التعليم الثانوي والعالي بكلية الزيتونة الشهيرة التي تعد واحدة من أهم مراكز التعلم الديني في العالم العربي والإسلامي. انغمست روحه الفكرية والثاقبة أثناء فترة الدراسة، وأظهر موهبة فريدة في فهم الدين وتطبيقاته العملية.
بعد إنهائه لدراسته الجامعية مباشرة، بدأ عمله كمعلم ومدرس للفقه والتفسير في نفس المؤسسة التعليمية التي شكلت جزءا مهما من تاريخه الشخصي والأكاديمي؛ كلية الزيتونة. كما شغل أيضا مناصب مختلفة داخل المجتمع التونسي مثل عضوية مجلس النواب وعضو لجنة الشريعة الإسلامية.
سعى الدكتور بن عاشور خلال مسيرته العلمية لدمج المعرفة الحديثة مع أصالة الثقافة التقليدية، مستنداً بذلك إلى قاعدة واسعة من النصوص القرآنية والنبوية. هذا الجهد واضح جداً في كتاباته العديدة ومنها "التحرير والتنوير"، وهو تفسير شامل للقرآن الكريم يعتبر مرجعاً أساسياً لكل الباحثين المهتمين بهذا المجال. بالإضافة لذلك، ألف أيضاً العديد من الأعمال الأخرى المتعلقة بفقه الحديث والسيرة الذاتية لبعض الصحابة رضي الله عنهم.
بشكل عام، ترك محمد الطاهر بن عاشور بصمة واضحة ليس فقط على الساحة الأكاديمية بل أيضًا الاجتماعية والثقافية بتونس وللعالم الإسلامي برمته بسبب جهوده المكثفة والحافلة بالإنجازات والتي أثرت بشكل كبير في مجال الدراسات الإسلامية والمعرفة الدينية العامة. توفي رحمه الله سنة 1973 تاركا وراءه إرثا علميا وفكريا ثريا يستمر التأثير فيه حتى يومنا هذا.