في رحلته المرتجلة وسط صحاري فلسطين، تعرّض النبي موسى -عليه السلام- لمواجهة غير متوقعة غيرت مجرى حياته إلى الأبد. بينما كان يعبر الصحراء هارباً من فرعون وعباده الظالمين، رأى فتاة شابة تنادي أخوتها لإنقاذ ماشيتهم تحت عينيهما الحيرانين. بدون تفكير ثاني، قرّر موسى مساعدتها بنزاهة قلبٍ صادقٍ وإحسان عملي جلّ قدره. هذه الفتاة ليست إلا ابنة النبي شعيب عليه السلام.
وبينما استأنف موسى مشواره بعدما أدّا واجبه الإنساني بكل بساطة واحترام، دعته إحداهن؛ هي زليخة بنت شعيب، لتناول الطعام عند أبيها النبيه. هناك، عرض أبوها الزواج منها بناءً على رغبته وتقديره لأعمال البر التي قام بها ابن خالها الشاب المنسي آنذاك. لكن موسى برأفة قلبه وخوفاً من الارتباط الدائم بتلك البيئة الخالية من أمله بالسماء، فضّل العيش كخادم لهم بدلاً من الانشغال بالأرض وما فيها من دنيويات.
وهكذا عاش موسى سنوات طويلة بين قوم شعيب يعتني بمواشيهم ويقدم النصائح والحكمة لكل من حوله، حتى جاء اليوم الذي طلب فيه الله منه أمر مهمّ للغاية: الإنطلاق لإخراج بني إسرائيل من عبوديتهم للفرعوني المتكبّر. وهكذا امتلأت أيام هذا القائد المؤمن بالمسؤوليات الجسام والتحديات الصعبة، ولكن بفضل توكله وثبات إيمانه وصل إلى هدف الدعوة المحوري بإعجاز رباني ظاهر. وفي نهاية المطاف اكتشف الجميع قيمة الصدقات الصغيرة والكبيرة عندما تخدم غاية نبيلة تُرضِي الرب سبحانه وتعالى.