أول من أعلن الإيمان علنًا: قصة شجاعة عمر بن الخطاب

دخل الإسلام الحياة في ظروف عصيبة ومليئة بالمخاطر، لكن الشجاعة والتصميم سرعان ما بدآ يفرضان وجودهما. يُعتبر عمر بن الخطاب، صحابي جليل ورئيس الدولة الإس

دخل الإسلام الحياة في ظروف عصيبة ومليئة بالمخاطر، لكن الشجاعة والتصميم سرعان ما بدآ يفرضان وجودهما. يُعتبر عمر بن الخطاب، صحابي جليل ورئيس الدولة الإسلامية الثاني بعد وفاة أبو بكر الصديق، من بين الأكثر تأثيراً في تاريخ الدعوة الإسلامية. واشتهر بشجاعته وإسلامه الجريء الذي شكل نقطة تحول مهمة.

في العام السابع عشر تقريبًا قبل الهجرة، سمع عمر بن الخطاب صوت القرأن ينزل على رسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم في منزل أخته فاطمة. أثّر كلام الوحي فيه بشكل عميق، خاصة عندما اطلع لاحقاً على بعض الآيات التي تناولت انتقاد قبيلة بني قريش، مما زاد من قوة إيمانه وانتمائه للدين الجديد.

على الرغم من الخوف والعقاب الوشيك، لم يتردد عمر بإعلان تبنيه للعقيدة الجديدة أمام الجميع بحضور غالبية زعماء قومه المكشرين وقتذاك قرب البيت الحرام بمكة. وعلى غير المعتاد، لم يكن هناك رد فعل مفاجئ ضد هذا التحول الكبير؛ بل استقبل الناس الأمر بتعجب واحتفال خفيف بين صفوف المسلمين. كانت هذه اللحظة رمزًا لاتحاد المجتمع المسلم الوليد تحت مظلة عقيدة واحدة وقائد واحد، وهي برهان واضح لدور القيادة الدينية والدنيوية المتزامنة ضمن نسيج مجتمع متماسك.

كانت شخصية عمر بن الخطاب نفسها عامل رئيسي دفع باتجاه إعلانه الواسع للإسلام. فبالإضافة لصلاحيته كسياسي ذكي محنك ذي خطاب مؤثر، فقد امتلك أيضًا ثبات الشخصية والشجاعة اللازمة لإلقاء التحدي والتغيير وجهًا لوجه داخل بيئة ثقافية محافظة للغاية آنذاك. ومع مرور الوقت وبراعته السياسية والإدارية، أصبح لقراراته وزعاماته وقع كبير فأصبح يحظى بمكانة فريدة كأساس ثابت للدولة الناشئة حديثاً والتي ستغير مجرى التاريخ الإنساني للأبد فيما يعرف اليوم بالعصر الحديث والمعاصر.

إن إنجازات الرجل خلال فترة حكمه القصيرة نسبيًا كانت هائلة، بما فيها توسعة الرؤية الإسلامية لتضم مناطق جديدة والعمل بلا كلل نحو تحقيق العدالة الاجتماعية وتوحيد البلاد جغرافيا سياسياً واقتصاديًا وعسكرياً عبر نظام سياسي مدروس جيدًا يعكس رؤية واضحة للحفاظ والاستدامة المنشودة لكل الأمور العملية والمبدأية المرتبطة بالحياة العامة للشعب ومايتعلق برسالتها الروحية أيضاً إذ أمر بتدوين القرآن ونشر العلم وتعليم الناس آدابه وفقهه.

وبالتالي فإن اختيار الرسول نفسه لحفصة ابنة عمر زوجة رسمية بين نسائه يكشف جانب آخر من تقدير الرسول لسمو مكانته الأخلاقية وصفاتها الحميدة الأخرى مثل الصدق والأمانة والحكمة والحزم وغيرها الكثير مما جعله مثالا يحتذى به حتى يومنا الحاضر بالنسبة لكثير ممن يسعى للتطور الشخصي والفكري والسلوكي وفق نهجه النبي المصطفى والذي نقل اليه تلك المعاني العليا وفي نفس السياق يتم تكريم تجربة حياة رجل دولة بارز كـ"أمير المؤمنين"، ليؤكد دوره الريادي ومساهماته المؤسسية المبكرة ودوره السابق لأوانه ولكنه ضروري جدًا لبنية سلطة المركز المركزي المستقر والمستقل المناسب لاستقرار دولة الفتوحات الفتية حين ذاك بالإضافة لفوائده التدريبية التربوية التأملية طويلة المدى لقادة العالم الاسلامي كافة عبر مسار العصور المختلفة منذ نشأة الدين الإسلامي المبارك ونموه الشامل الغني بالأحداث المهمة العميقة الأثر رغم ضعف العمر الزمني لها بالنظر لطوله واتساع مدى انتشاره الحالي وصلتها الثابتة بروحانية العقيدة الاوليين المطهرة نقاوة وصفا واستقامة .


الفقيه أبو محمد

17997 مدونة المشاركات

التعليقات