حكم الزكاة في مال الصغير والمجنون: دراسة فقهية

التعليقات · 0 مشاهدات

ذهب جمهور العلماء، ومنهم مالك والشافعي وأحمد، إلى وجوب الزكاة في مال الصبي الصغير والمجنون، مستندين إلى عدة أدلة. أولاً، قوله تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَ

ذهب جمهور العلماء، ومنهم مالك والشافعي وأحمد، إلى وجوب الزكاة في مال الصبي الصغير والمجنون، مستندين إلى عدة أدلة. أولاً، قوله تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا) [التوبة: 103]. فالزكاة عبادة مالية تجب متى توفرت شروطها، كملك النصاب ومرور الحول. ثانياً، قوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل: (أَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ، تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ) [البخاري]. وهذا يعم الصبي الصغير والمجنون إن كان لهما مال.

كما استدلوا بحديث الترمذي (641) عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس فقال: (ألا من ولي يتيماً له مال فلا يتركه حتى يأكل الصدقة). وهو حديث ضعيف، لكن ثبت ذلك من قول عمر رضي الله عنه، كما رواه البيهقي (4/178) وقال: إسناده صحيح. وأقره النووي على تصحيحه كما في "المجموع" (5/301).

ومن الأدلة أيضاً ما روي عن علي وابن عمر وعائشة والحسن بن علي وجابر رضي الله عنهم. أما أبو حنيفة رحمه الله، فقد ذهب إلى أن الزكاة لا تجب في مال الصبي، كما لا تجب عليه سائر العبادات كالصلاة والصيام. لكنه أوجب زكاة الزروع وزكاة الفطر على الصبي.

وأجاب الجمهور عن هذا بأن عدم وجوب الصلاة والصيام على الصبي فلأنهما عبادات بدنية، وبدن الصبي لا يتحملها، أما الزكاة فهي حق مالي، والحقوق المالية تجب على الصبي، كما لو أتلف مال إنسان، فإنه يجب عليه ضمانه من ماله. وقالوا أيضاً: ليس هناك فرق بين وجوب زكاة الزروع وزكاة الفطر على الصبي وبين زكاة سائر الأموال كالذهب والفضة والنقود.

ويتولى ولي الصغير والمجنون إخراج الزكاة عنهما من مالهما كلما حال عليه الحول، ولا ينتظر بلوغ الصبي. قال ابن قدامة في المغني: "إذا تقرر هذا -يعني وجوب الزكاة في مال الصغير والمجنون- فإن الولي يخرجها عنهما من مالهما؛ لأنها زكاة واجبة، فوجب إخراجها، كزكاة البالغ العاقل، والولي يقوم مقامه في أداء ما عليه؛ ولأنها حق واجب على الصبي والمجنون، فكان على الولي أدا

التعليقات