زيارة قبور الأنبياء والصالحين من الأمور التي أثارت نقاشًا بين العلماء في الإسلام. لا يجوز شد الرحال لزيارة قبور الأنبياء والصالحين وغيرهم، بل هو بدعة، والأصل في ذلك قوله ﷺ: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى (١) ». ومع ذلك، فإن زيارتهم دون شد رحال هي سنة، كما ورد في الحديث الشريف: «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة (٣) » خرجه مسلم في صحيحه.
فيما يتعلق بزيارة قبور الأنبياء والصالحين، هناك اختلاف بين العلماء. بعضهم يرى أن الزيارة جائزة إذا كانت بدون شد الرحال، بينما يرى آخرون أنها مكروهة مطلقًا. ومع ذلك، فإن الزيارة للقبور بشكل عام، بما في ذلك قبور الأنبياء والصالحين، تندرج تحت حكم زيارة القبور بشكل عام.
تسن زيارة القبور للرجال؛ لأنها تذكر بالآخرة والموت، والزيارة تكون للاعتبار، والاتعاظ، والسلام عليهم، والدعاء لهم، لا لدعائهم، أو التبرك بهم، أو بتراب قبورهم، فذلك كله لا يجوز. يحرم على جميع الأحياء دعاء الأموات، والاستغاثة بهم، وسؤالهم قضاء الحاجات، وكشف الكربات، والطواف على قبور الأنبياء والصالحين وغيرهم، والذبح عند القبور، واتخاذها مساجد وكل ذلك من الشرك الذي توعد الله صاحبه بالنار.
أما بالنسبة للنساء، ففي حين أن الزيارة تسن للرجال، إلا أن بعض العلماء يكرهونها للنساء تنزيها لقلة صبرهن. ومع ذلك، هناك دليل على عدم حرمتها عليهن، كما روي عن أنس ﵁ "أن النبي ﷺ مر بامرأة تبكي، عند قبر، فقال: (اتقي الله واصبري) " (٢) فلم ينهها عن الزيارة. لكن إن كان في خروجهن إلى القبور فتنة فتحرم عليهن الزيارة.
فيما يتعلق بما يقال عند زيارة القبور، يندب للزائر أن يقول ما كان رسول الله ﷺ يعلمهم قوله إذا خرجوا إلى المقابر، فيما رواه بُرَيْدة ﵁: (السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله للاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية) (٤) . وله أن يزيد: اللهم لا تحرمنا أجرهم، ولا تفتنا بعدهم، واغفر لنا ولهم. كما يندب له أن يقرأ ما تيسر من القرآن، كسورة يس، ويدعو له ولجميع أهل المقبرة.
في الختام، يجب التأكيد على أن زيارة قبور الأنبياء والصالحين دون شد الرحال هي سنة، ولكن يجب تجنب أي ممارسات شركية أو بدعية أثناء الزيارة.