كريمه سبحانه وتعالي الإنسان بمكانة سامية بين مخلوقاته، مدحه بالميزة الفريدة التي جعلت منه خليفةٍ على ظهر الأرض. هذا التكريم ليس مجرد حقيقة وجودية بل إنه امتداد رحمي شامل يشمل عدة جوانب مضيئة:
- التكريم بالخلق والإيجاد: إن إنشاء الإنسان من العدم هو دليل واضح على عظمة قدرته الإلهية وغزارة فضله. فهو لم يكتف بخلقه فقط بل اختاره ليؤدي دور الاستخلاف وهو المسؤولية الأكبر. هذه مسؤولية ليست سهلة ولكنها تحمل أهميتها الخاصة حيث أنها تستوجب التفاني في عبادة الله الواحد الأحد والاعتراف بوحدانيته.
- التكريم بتسخير الكون: لقد قرن الله أمر تسخير العالم لتلبية احتياجات الإنسان دون حاجة للبحث عنها بنفسه. إنها هدية عظيمة تشابه بدرجة كبيرة صدقة الحيوانات البرية والبحرية والتي جاء ذكرها في الكتاب المقدس عندما قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم "إن الله قد فرض عليكم خمس صلوات". وهذا يدل على مدى اهتمام الرب بالعناية بشؤون أولاده البشر.
- التكريم بالفطرة والهداية نحو الإسلام: تعد الفطرة الطبيعية لإنسانية الإنسان جزءً أساسياً من هويته الإنسانية وتميزه وتميز بني آدم ككل باعتباره صاحب روح حساسة وحاجة ماسة لعلاقة وطيدة بربه ومعرفته لرب العالمين. وبالتالي فإن توجيه النفس نحو طريق الحق من خلال التدين والإيمان الديني يعد شكلا آخر للتقديس الإلهي تجاه بشر ذو مكانة عليا لدى الخالق جل شأنه.
وفي النهاية فإن الغرض الأعلى من خلق البشر يعود لقصة أصيلة وشامخة وهي تقديم العبادة الحقيقية الحقة لربه وخالقه؛ لأن تعريف المصطلح الديني 'العبد' هنا يعني الانقياد الكامل المطلق لحكمة ربانية وكاملة دون تحفظ أو تردد واحتقار للحياة المعيشة نفسها كونها نعمة وعطاء مباشر من قبل بارئ المدائن جميعا ومنبت كل القرى والمدن الباقيات. فالعبادات سواء كانت قلبيه كالخشوع والخوف والتوكل ام لفظه كالذكر والصلاة والقراءة فان جوهر هدفها الاساسي هو الوصول الى مرحلة الحمى الحمراء النقية للقلب اتجاه الملكوت الاعلى حتى تصبح العبادة طابع انسان انسانيته ونبراسا يقوده للسخط والرضا حسب مشيئة مولاه الرحمن الرحيم...