الحلف على المصحف هو من توكيد الأمر الذي أمر الله بامتثاله أو اجتنابه، فما حرم الله سبحانه أو رسوله فهو محرم، وما أمر به سبحانه أو رسوله ﷺ فهو واجب. ثم إذا أراد الإنسان أن يوثق الأمر ويؤكده حلف على مصحف لتغليظ اليمين وزيادة توكيده، وهذا كما يطلق عليه يمين فهو عهد وميثاق.
الحلف على المصحف يعتبر يمينًا منعقدة، وهو مما يؤكد اليمين؛ ولذلك فإن من حنث في هذا اليمين يوجب الكفارة. الحلف والقسم لا يصحّان إلا بالله تعالى أو بصفةٍ من صفاته، فإن حلف المسلم بالله فلا يتوجب عليه أن يحلف على المصحف. ووضع الشخص يده على المصحف والحلف على المصحف هو أمرٌ مُستحدث لم يكن في زمن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- ولا في زمن الصحابة رضي الله عنهم، ويقوم بذلك البعض من باب التشديد ليخاف الحالف أن يكذب في قوله.
عقوبة الحلف على المصحف كذباً هي يمين غموس، وهي التي تكون سبباً في غمس صاحبها في نار جهنم، ومن حلف كذباً فقد ارتكب إثماً عظيماً، ومن قام بالحلف بالله على المصحف وهو كاذبٌ فهذا زيادةٌ في الإثم وتغليظٌ لليمين. وعلى من ارتكب هذا الإثم المُسارعة في التوبة والاستغفار.
أما تكرار الحنث باليمين، فإن قام شخصٌ بتكرار اليمين على شيءٍ واحدٍ ومن ثمّ حنث تلزمه كفارةٌ واحدةٌ، بإطعام عشرة مساكين لكلّ مسكينٍ نصف صاعٍ من قوت البلد، أو كسوته، أو عتق رقبةٍ، فإن لم يستطع فعل ذلك فعليه صيام ثلاثة أيامٍ. أمّا إن قام بتكرار اليمين على القيام بأفعالٍ متعددةٍ أو ترك أفعالٍ متعددةٍ فيكون عليه في كل يمينٍ كفارةٌ.
ومن كان عليه كفارة يمينٍ ومات قبل أن يُخرجها فيتم إخراجها من التركة قبل تقسيمها على الورثة. وإن وقع الحنث باليمين قبل تكراره؛ أي حلف ثمّ حنث، ثمّ حلف مرةً أخرى فحنث أيضاً يتوجب عليه كفارات بعدد مرات اليمين؛ لأنّ كلّ يمينٍ منها مُستقلٌ بحكمه عن الآخر فلا يجمع بينهما بكفارةٍ.
في الختام، يجب على المسلم أن يحرص على عدم الكذب سواءً كان بالحلف على القرآن أو غير ذلك، وأن يتجنب الحلف على المصحف لما فيه من التغليظ والتشديد الذي قد يؤدي إلى الكذب.