رحلة الشاكر: أهمية وفوائد شكر الله تعالى في حياة المسلم

التعليقات · 1 مشاهدات

في رحاب هذا الوجود الرحيب، يغمرنا الله برحماته ونعمه غير المنقطعة، والتي تبدو وكأنها بحر لا ساحل له. وفي مقابل هذه الهبات الإلهية الواسعة، يدعونا القر

في رحاب هذا الوجود الرحيب، يغمرنا الله برحماته ونعمه غير المنقطعة، والتي تبدو وكأنها بحر لا ساحل له. وفي مقابل هذه الهبات الإلهية الواسعة، يدعونا القرآن الكريم والموعظة الحسنة إلى رد الجميل عبر طريق شكر الرحمن. إن شكر الله عز وجل ليس مجرد عادة فضيلة؛ بل هو عماد أساسي في إيمان المرء وصفوة الحياة الهادئة المترابطة مع الرب.

شكر الله -سبحانه وتعالى- يعد تعبيراً قاطعاً عن اعتراف المرء بنعم الخالق التي تحيط بنا حتى قبل أن ندرك وجودها أصلاً. إنه الاعتراف الواقعي بحقيقة أن كل ما لدينا وكل ما نحن عليه اليوم هو بسبب عطايا رب العالمين. وبالتالي فإن عدم الشكر يعني تجاهل لهذه الحقائق المالية الروحية الهائلة. أما الشاكرون فهم الذين يستشعرون القيمة الحقيقية لتلك النِعم ويستغلونها بشكل فعال ويتمنون المزيد من خزائن العطايا الآخذة في التزايد خاصة عندما يعيش الإنسان حالة الانغماس العميقة في نعيم الدنيا.

لكن كيف يمكن التحقق من عملية شكر الله؟ أولاً، تتجلى براعة الامتنان في قوة التقوى والخضوع لإرادة الملك الأعلى. فهذه هي الطريقة العملية لرد الجميل للعطاء الأعظم. ثانياً، تنفيذ الأوامر الدينية مثل أداء الصلوات المفروضة والصيام والصلاة والإكثار من ذِكر الله واستغفاره ودعائه. فالامتنان الحقيقي يؤدي غالب الظن إلى زيادة المحبة للخالق وإظهار الاحترام اللازم مما يقوي الرابط العقدي لدى الشخص المُمتن.

إن التفكير والتمعن فيما بين أيدينا والحصول على فكرة واضحة حول استخدامه الأمثل هما جزء مهم آخر من الشعائر التعبدية للشكر. فعندما تعرف قيمة الشيء، ستكون أكثر اهتماماً باستعمالك له بطرق مستدامة ومجدية بدلاً من تركه عرضة للهدر والفوضى الأخرى. بالإضافة لذلك، فإن مراقبة حال الفقراء والمعوزيين يساعد الأفراد على تقدير رفاهيتهم الخاصة وتذكيراً منهم بعدم تبذير تلك الثروات الباهظة بلا سبب وجيه. وعند إدراك هشاشة الذات الإنسانية وصغر شأنها أمام قدرة العليم القدير، سيبرز إدراك جديد لقيمة تواضع القلب والحياء وخفض الجناح لأهل الأرض سواء كانوا أقارب أو غرباء طبقا لما جاء بالحكمة النبوية "لا يكون المؤمن مستهزئا".

ليس أقل أهميته مجموعة من التصرفات التشجيعية مثل تجنب صحبة الملحدين وغيبة المشركين والأرضيات وغير المهتمين بالسلوك المستقيم؛ لأنهم تشكل عقبات أمام الطريق نحو الاستقامة واليقظة الروحية. وكذلك دعاء القلب طالباً مساعدة أعلى سلطان ليقوي إيمانك ويوجه خطاك نحو الطريق المُشرق باتجاه وجه الرحيم الرؤوف جلَّ وعلى.

وبناء عليها فإن ارتباط علاقتكم العميقة بملك الملوك باعتباركم عبيده المطيعين سينتج عنه شعور دائم بالإنجاز الداخلي الداخلي والسعادة الحقيقية مهما تغير شكل الظروف الخارجية لها وذلك وفق توصيف سيد البشر محمد صلى الله عليه وسلم حين قال "طوبى لمن وجد في صحيفته كثرة السؤال". إذْ يشرح لنا قول الرسول المبجل مقدار حب الله عز وجل ورحمته الوافرة لكل عاشق صادق محسن وشاكر موحد قادر على رؤية جمالية الحياة وحقيقتها سرمدياً وأنوار رضا الخلق الأعلى دوماً بإذن مولانا وهو حسبنا ونعم الوكيل لصالح ديننا فردانا واجتماعياً!

التعليقات