تتناول هذه الآية الكريمة من سورة العنكبوت فضائل المؤمنين الذين يتلون كتاب الله، أي يداومون على قراءته وتدبره، ويقيمون الصلاة على الوجه الأكمل. يقول الله تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ" (العنكبوت: 45).
في هذه الآية، يمدح الله تعالى أولئك الذين يتلون كتابه، أي القرآن الكريم، ويستمرون في قراءته وتدبره. ويؤكد أنهم أقاموا الصلاة على الوجه الأكمل، حيث يؤدونها في وقتها بقراءتها وركوعها وسجودها وتشهدها، وغيرها من شروطها. كما ينفقون من الرزق الذي رزقهم الله به، سواء كان ذلك سرًا أو علانية، ويأملون في تجارة لن تكسد، أي ثوابًا لا ينفد ولا يضيع. ويوضح الله تعالى أنهم يرجون هذه التجارة لكي يوفوا أجور أعمالهم ويزيدهم من فضله.
ويشير بعض المفسرين إلى أن التجارة المذكورة في الآية هي تحصيل الثواب بالطاعة، وأن لفظ "تجارة" مجاز عن الربح. ويؤكد الله تعالى أنهم لا يقطعون بنفاق تجارتهم، بل يأتون ما آتوا من الطاعات وقلوبهم وجلة أن لا يقبل منهم. ويشير هذا إلى أنهم يعلمون أن قبول أعمالهم بيد الله تعالى وحده.
ويشير بعض المفسرين أيضًا إلى أن زيادة الله تعالى لهم تشمل تشفيعهم فيمن أحسن إليهم، أو تفسيح القلوب، أو تضعيف حسناتهم، أو النظر إلى وجهه الكريم. ويؤكد الله تعالى أنه غفور رحيم، يشكر عباده على أعمالهم الصالحة.
وتشير هذه الآية إلى أهمية قراءة القرآن وتدبره، وأداء الصلاة على الوجه الأكمل، والإنفاق في سبيل الله، كل ذلك في سبيل الحصول على ثواب لا ينفد ولا يضيع. وتؤكد على أن قبول الأعمال بيد الله تعالى وحده، وأن المؤمنين يجب أن يكونوا وجلين من عدم قبول أعمالهم.