الأكل بالمباحات التي أحلها الله عز وجل هو حق لكل مسلم ويعتبر ضرورة لحياته، لكن عندما يمتد هذا الحق إلى أموال الآخرين دون وجه حق، فإنه يصبح ذنباً كبيراً وموبقة اجتماعية خطيرة. يُعرف "اكل مال الناس بالباطل" في الشرع الإسلامي بأنه جريمة كبيرة لها عدة أشكال مختلفة مثل السرقة والخيانة والاحتيال وغيرها الكثير كلها تنتهك حقوق الغير وتخل بالعدالة الاجتماعية.
في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وردت العديد من الآيات والأحاديث التي تحذر بشدة من هذه الجريمة ونبذها بكل صورها. يقول الله تعالى في سورة الأنعام: "ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل". كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل سلب مال مسلم إلا بإذنه". وهذه النصوص تؤكد وحدة العقيدة الإسلامية تجاه رفض الظلم والاستبداد بأملاك غير المسلمين أيضاً، مما يعكس عدالة النظام الإسلامي وتعاليمه الأخلاقية العليا.
على المستوى الاجتماعي، يمكن اعتبار الأكل بالحرام مصدر رئيسي للفساد والتدهور الاقتصادي والأخلاقي داخل المجتمع. فقد يؤدي إلى انتشار الفقر وعدم المساواة بسبب عدم وجود العدالة الاقتصادية الحقيقية. بالإضافة لذلك، قد يدفع البعض نحو ارتكاب المزيد من الأعمال الإجرامية للحفاظ على مستوى معيشتهم المشروع أصلاً عبر وسائل مشروعة فقط. بالتالي، فإن تجنب هذه الممارسات الضارة أمر حيوي ليس لأجل رضا الرب وحسب بل أيضا لتحسين الصحة العامة للمجتمع وتعزيز الوئام الاجتماعي والعلاقات الإنسانية القائمة على الثقة والاحترام المتبادلين.
ومن منظور تربوي وديني، يعد تثقيف الأفراد حول مخاطر وأضرار المعاصي المرتبطة بالأكل بالباطل جزءاً أساسياً من برنامجهما التعليمي والدعوي. فالوعظ والإرشاد الدائم لمثل تلك الأمور يساعد الشباب بشكل خاص على فهم أهميتها وفهم دورهم المهم في المحافظة عليها وعلى المجتمع الصالح المنشود. وبالتالي، يبقى دور المؤسسات التعبدية والمدرسية هاماً جداً في نشر الوعي بهذا الجانب الحيوي والحساس في الحياة اليومية والذي له تأثير عميق على استقرار المجتمع واستدامته.
ختاماً، إن "الأكل بالمباحات" حق مشروع ولكنه يستوجب دائماً احترام ملكية الآخرين وتحريم الاستحواذ بطريق الباطل عليهم مهما كانت دواعيه وشروط ظاهره مقنعة بعض الشيء. فعند الزلل عن طريق الحق، سواء كان ذلك مباشرة ام بصورة ملتوية ملتبسة، تبدأ رحلة طويلة مليئة بالعقاب الروحي والمعاقبة القانونية والثمن غالياً للغاية وهو ما يفوق بكثير مكاسبه المؤقتة المؤقتة. ولذلك يجب الحرص دوماً على تفادي جميع أنواع الاعتداء والاستلاب للغبن والكذب وغش صاحب المال وفق شريعة رب العالمين ورعاية واحترام إنسانيته الخاصة كذلك.