تفسير قوله تعالى وهديناه النجدين: بين طريق الخير والشر

التعليقات · 2 مشاهدات

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه. أما بعد، فإن تفسير قوله تعالى "وهديناه النجدين" [البلد: 10] يتعلق بتوضيح المقصود بالنجدين في

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه. أما بعد، فإن تفسير قوله تعالى "وهديناه النجدين" [البلد: 10] يتعلق بتوضيح المقصود بالنجدين في هذا السياق. وفقًا لابن كثير في تفسيره، فإن النجدين هما طريقا الخير والشر. وقد روي عن العديد من الصحابة والتابعين مثل علي بن أبي طالب، وابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، وأبي وائل، وأبي صالح، ومحمد بن كعب، والضحاك، وعطاء الخراساني، أن النجدين هما الخير والشر.

ويشير ابن كثير إلى أن تسمية النجدين بهذا الاسم يعود إلى ارتفاعهما ووضوحهما، حيث يشير إلى أن في كل منهما وعورة وصعوبة، فليس الشر بأهون من الخير كما يظن. كما يشير إلى أن الله تعالى بين طريق الخير وطريق الشر فهما كالنجدين المرتفعين، والشيء العالي لا ينكره أحد إذا رآه. وقد بين الله الطريقين بما أوحى، فهما طريقان واضحان جليان لا يخفى واحد منهما على سالك في أحد الطريقين.

ويوضح ابن كثير أيضًا أن هذه الآية "وهديناه النجدين" تفسرها الآية السابقة "إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا" [الإنسان: 3]. ويذكر أن الله تعالى أودع في فطرة الإنسان التمييز بين الخير والشر، وأقام له من وجدانه وعقله أعلاماً تدله عليهما، ثم وهب له الاختيار بعدما بين له. فعلى العبد أن يختار أي الطريقين شاء، فالذي وهب الإنسان هذه الآلات، وأودع في باطنه تلك القوى؛ لا يمكن للإنسان أن يفلت من قدرته، ولا يجوز أن يخفى عليه شيء من سريرته.

وفي نهاية الأمر، يؤكد ابن كثير على أن الله تعالى هو الذي امتن على الإنسان بكل آلات الإدراك، وهو المدبر الحكيم لهذه القوى، والإنسان لا يرى إلا بالله. ويذكر أن اللسان نعمة عظيمة، ولكن هذه الجارحة لها خطورة مهلكة إن لم يحترز صاحبها؛ ولهذا جعل الله أمام اللسان باباً من عظم وهو الأسنان، وباباً من لحم وهو الشفتان؛ كي يستحكم إغلاقه، ولا يخرجه إلا بحساب؛ لخطورة هذا اللسان الذي إذا خرج كان كالثعبان يلدغ خلق الله.

وبالتالي، فإن تفسير قوله تعالى "وهديناه النجدين" يشير إلى أن الله تعالى بين طريق الخير وطريق الشر للإنسان، ووهبه الاختيار بينهما بعدما أودع فيه التمييز بينهما.

التعليقات