أبو الدرداء، واسمه عويمر بن زيد بن قيس الأنصاري الخزرجي، هو أحد أبرز الصحابة رضوان الله عليهم. كان آخر من أسلم من الأنصار، وله مكانة خاصة عند النبي صلى الله عليه وسلم، حيث قال عنه يوم أحد: "نعم الفارس عويمر"، وقيل عنه أيضاً: "هو حكيم أمتي". كان أبو الدرداء أحد الأربعة الذين جمعوا القرآن كاملاً في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
كان أبو الدرداء زاهداً في الدنيا، عالماً قاضياً، خائفاً خاشياً من الله تعالى، حريصاً على الأخوّة في الله، وحريصاً على دعوة الإسلام. اشتهر بحكمته، فكان دائم التفكر والاعتبار، عارفاً بأمور الدين والدنيا والأموال، كثير الذكر والتسبيح دون فتور أو ملل، وكثير الدعاء لأصحابه أيضاً. كان يقدّم الأدعية المهمة بعضها على بعض، ومن عظمة حكمته أنه كان يعتبر ويتعظ في المعارك بخسارة الأعداء قبل أن يفرح بالنصر.
كان أبو الدرداء حريصاً على البقاء في الحياة الدنيا للزيادة في الأعمال الصالحة والعبادات التي ينال فضلها في الآخرة. وفي فترة مرضه، كان يعتبر ويتعظ ويذكّر الناس. توفي أبو الدرداء -رضي الله عنه- في السنة الثانية والثلاثين للهجرة النبوية، زمن عثمان بن عفان، في دمشق، وكان قاضياً لمعاوية. كانت وفاته قبل مقتل عثمان بن عفان -رضي الله عنه- بعامين.
بهذا نرى أن أبو الدرداء كان نموذجاً للزهد والحكمة والتقوى، وقد ترك إرثاً عظيماً من الحكم والمواعظ التي لا تزال تلهم المسلمين حتى يومنا هذا.