الصبر خلق عظيم حث عليه الإسلام ورفع قدره، حيث خص الله أهله بالرحمة والهداية والفلاح في الدنيا والآخرة. وقد وردت أحاديث كثيرة في السنة النبوية تبيّن أجر الصابر المحتسب عند الله، منها ما رواه أبو سعيد الخُدري عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: "وما أعطي أحد من عطاء خير وأوسع من الصبر".
الصبر في الإسلام هو حبس النفس والجوارح عن الأفعال المحرّمة، دون أن يلحقه سخطٌ أو اعتراضٌ أو شكوى لمخلوقٍ غير الله، مبتغياً بذلك وجه الله. ويجب على المسلم أن يُدرك أنّ الحياة الدنيا هي دار شقاءٍ وتعبٍ، ولو خُلقت الدنيا للسعادة ما ضاقت على أنبياء الله، وبذلك عليه أن يتحلّى بالصبر في جميع أموره. وللصبر في الدنيا ثلاثة أنواع:
- الصبر على طاعة الله وتنفيذ أوامره، وهو أفضل وأكمل الأنواع.
- الصبر على اجتناب النواهي التي نهى الله عنها.
- الصبر على قضاء الله وقدره.
أمّا أجر الصابرين فهو عظيم، حيث وعد الله الصابر الأجر في الدنيا والآخرة. ففي الدنيا بحُسن خاتمته، وفي الآخرة بجنّته. وهذا الأجر مترتّبٌ على الصبر في جميع الأحوال، والصابرون هم أكثر الناس أجراً وسروراً يوم القيامة، قال الله تعالى: "إنما يُوفَّى الصابرون أجرهم بغير حساب". وقد قرن الله الصبر في عدّة مواضع في القرآن بالفضائل والخيرات.
ومع ذلك، هناك أفعالٌ كثيرةٌ تصدر من العبد حين نزول المصيبة تبطل أجر الصبر وتنافيه، إلّا أنّ البكاء والحزن دون صوتٍ أو كلامٍ محرّمٍ لا ينافي الصبر والاحتساب. يُذكر من الأمور المنافية للصبر: نتف شعر الرأس، ضرب الوجه، تحديث الناس بالمصيبة وإظهارها، شقّ الثياب، رفع الصوت والصراخ حال المصيبة، الدعاء على النفس بالويل والعذاب، الجزع والهلع.
في الختام، الصبر هو مفتاح الفرج، وهو طريق إلى الجنة. فليتخذ المسلم من الصبر سلاحاً ضد المصائب، وليعلم أنّ الله مع الصابرين.